في محلِّ المجاز من القسمة اللفظية | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الجمعة 10 شوال 1445 هـ الموافق لـ 19 أبريل 2024 م



فتوى رقم: ٥٤٨

الصنف: فتاوى الأصول والقواعد - أصول الفقه

في محلِّ المجاز من القسمة اللفظية

السؤال: قسَّم العلماءُ الحقيقةَ إلى ثلاثة أقسامٍ: (شرعيةٍ، لغويةٍ، عرفيةٍ) فهل -على رأيهم- أنّه لا مجازَ؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:

فأهل العلم يقسِّمون اللفظَ إلى: لغويٍّ وشرعيٍّ وعُرفيٍّ ومجازيٍّ، وبرهان ذلك: أنَّ اللفظ إذا استعمل فيما وضع له كان حقيقةً لغويةً بالوضع أي بالوضع اللغوي، وإذا استعمله أهل العرف العام أو الخاص كان حقيقة عرفية، وإذا استعمله الشرعُ فيما شَرَعَهُ بِهِ سُمِّيَ حقيقةًَ شرعيةً، وإذا كان اللفظ استُعمل في غير ما وضع له على وجه يصح كان مجازًا، فالفرق بين الحقائق الثلاث أنَّها موضوعة بحسب الاستعمال، فإن استعملها العرف كانت حقيقة عرفية وإلاَّ فهي حقيقة شرعية أو لغوية بخلاف المجاز فهو: اللّفظ المستعمل في غير ما وضع له، فلو قال قائل: «الأسد»، فهو موضوع في الحقيقة اللغوية على الحيوان المفترس، وإذا قال قائل: «الصلاة»، فهي في اللغة: الدعاء لكنَّ الشرعَ استَعْمَلَها في الحقيقة المتمثلةِ في الأفعال والأقوال المبتدئة بالتكبير المختتمة بالتسليم، فإذا أُطلقت الصلاة فلا ينصرف الذهن إلاَّ للحقيقة الشرعية ما لم ترد قرينة صارفة إلى غيرها، كذلك إذا أطلق لفظ «الأسد» فلا ينصرف الذهن إلاَّ إلى الحيوان المفترس، ولا ينتقل إلى غيره إلاَّ بقرينة صارفة، فلو قال قائل: «رأيت أسدًا يرمي بالنبل، أو شاهرًا سيفه» لكانت قرائن دالة على عدم إرادة المعنى الحقيقي لوجود تلك القرائن فكان مجازًا، وكذلك اللفظ إذا استعمله على العرف العام «كالدابة» مثلاً، فإنها في اللغة تستعمل على كلِّ ما يَدِبُّ على الأرض لكن أهل العرف العام استعملوها لذوات القوائم الأربع، كذلك «الرفع» و«النصب» و«الجر» فلها معان في اللغة، لكن أهل العرف الخاص استعملوا الرفع للضم، والنصب للفتح، والجر للكسر، فإذًا ما استعمله أهل الوضع والشرع والعرف فهي حقائق وضعية أو شرعية أو عرفية وما استعمله في غير موضوعه الأصلي فهو مجاز وليس حقيقة، ولكل مجاز قرينة لأنه على خلاف الأصل.

والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.

الجزائر في: ٣ من ذي الحجة ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٣ ديسمبر ٢٠٠٦م