في زكاة مالك النصاب المدَّخر لشراء مسكن | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
السبت 21 المحرم 1446 هـ الموافق لـ 27 يوليو 2024 م

الفتوى رقم: ٦٣١

الصنف: فتاوى الزَّكاة

في زكاة مالك النصاب المدَّخَر لشراء مسكن

السؤال:

بصفتي مُستأجِرًا وعائلتي تحتاج إلى مسكنٍ خاصٍّ أمتلكه، وعندي مبلغٌ مِن المال أدَّخِره لشرائه، ولا أَزال أجمعه وقد بَلَغَ النصابَ، وحالَ عليه الحولُ، وقد أُضْطَرُّ للدَّين، فهل يجب عَلَيَّ فيه الزكاةُ؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فحقُّ المُسْتحِقِّين للزكاة مِن الفقراءِ والمساكينِ وغيرِهم يبقى عالقًا بذمَّةِ مالكِ النِّصابِ الذي حالَ الحولُ عليه، ولو لم يجد ما يَفي بكفايته؛ لأنَّ مالَه ـ في نُمُوِّه ـ يحتاج إلى تطهيرٍ ممَّا قد يَعْتَريهِ مِن شُبُهاتٍ أثناءَ كَسْبِهِ، ومِن جهةٍ أخرى فهو غَنِيٌّ يَمْلِكُ نصابًا، وكُلُّ غَنِيٍّ يحتاج إلى أَنْ يتزكَّى بالبَذْلِ والإنفاق، وأَنْ يتطهَّر مِن رذيلة الشُّحِّ وحُبِّ الذات، قال تعالى: ﴿خُذۡ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡ صَدَقَةٗ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّيهِم بِهَا[التوبة: ١٠٣]، وقال صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «مَنْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ فَقَدْ ذَهَبَ عَنْهُ شَرُّهُ»(١).

ولا يخفى أنَّ الزكاة لا تَنقُص مِن المال بل يُربِّيه الله تعالى ويزيدُه، قال تعالى: ﴿وَمَآ ءَاتَيۡتُم مِّن زَكَوٰةٖ تُرِيدُونَ وَجۡهَ ٱللَّهِ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُضۡعِفُونَ ٣٩[الروم: ٣٩]، وقال صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ ـ وَلَا يَقْبَلُ اللهُ إِلَّا الطَّيِّبَ ـ فَإِنَّ اللهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ(٢) حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ»(٣)، وفي حديثٍ آخَرَ: «مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ»(٤).

هذا، والغَنِيُّ إذا احتاجَ إلى ما يدفع الهلاكَ عن نفسه أو عِيَالِهِ ـ تحقيقًا أو تقديرًا ـ فهو غَنِيٌّ باعتبارِ تَحقُّقِ شروطِ الزكاة فيه، وفقيرٌ مِن جهةِ أنه لا يملك ما يقوم بكفايته فيُعطى مِن الزكاة بهذا الاعتبار.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٩ مِنَ المحرَّم ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ١٧ فبراير ٢٠٠٧م

 



(١) أخرجه ـ بهذا اللفظ ـ الطبرانيُّ في «المعجم الأوسط» (١٥٧٩)، كما ذكَرَه المنذريُّ في «الترغيب والترهيب» (١/ ٣٠١)، مِنْ حديثِ جابرٍ رضي الله عنه. وأخرجه ابنُ خزيمة (٢٢٥٨)، والحاكم (١٤٣٩)، والبيهقي (٧٢٣٨)، بلفظ: «إِذَا أدَّيْتَ زَكَاةَ مَالِكَ فَقَدْ أَذْهَبْتَ عَنْكَ شَرَّهُ»، قال ابن حجرٍ في «التلخيص الحبير» (٢/ ١٦٠): «وله شاهدٌ صحيحٌ عن أبي هريرة». والحديث كان قد ضعَّفه الألبانيُّ في «السلسلة الضعيفة» (٥/ ٢٤٨) رقم: (٢٢١٩)، ثمَّ تَراجَعَ عن التضعيف وقال: «ثمَّ وجدتُ للحديث شاهدًا مِن رواية أبي هريرة بسندٍ حسنٍ، ومِن أجله كنتُ أوردتُه في «صحيح الترغيب» (٨ ـ صدقات)، فهو به قويٌّ، ويُنْقَل إلى «الصحيحة»».

(٢) الفَلُوُّ: المُهر الصغير. وقيل: هو الفطيم مِنْ أولادِ ذواتِ الحافر؛ [«النهاية» لابن الأثير (٣/ ٤٧٤)].

(٣) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاري في «التوحيد» (٧٤٣٠)، ومسلم في «الزكاة» (١٠١٤)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(٤) أخرجه الترمذي في «الزهد» بابُ ما جاء: مثلُ الدنيا مثلُ أربعةِ نفرٍ (٢٣٢٥) مِن حديث أبي كبشة الأنماريِّ رضي الله عنه. وصحَّحه ابن كثير في «تفسير القرآن العظيم» (٢/ ٣٩٦)، والألباني في «صحيح الجامع» (٣٠٢٤). وأخرج مسلمٌ في «البرِّ والصلة» (٢٥٨٨) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ».