Skip to Content
الثلاثاء 7 شوال 1445 هـ الموافق لـ 16 أبريل 2024 م



الكلمة الشهرية رقم: ١٠

شرك النصارى وأثرُه على أمَّة الإسلام

اعتقاد أهل الحقِّ في المسيح عيسى عليه السلام

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فإنَّ عيسى ابن مريم عليه السلام هو عبدُ الله ورسولُه، وكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلى مريمَ وروحٌ منه، وقد جَعَله اللهُ تعالى هو وأمَّهُ آيةً في ولادتهما ونشأتهما، وهو آخرُ أنبياء الله تعالى ورُسُلِه مِن بني إسرائيل بعد أنِ انحرفوا وزاغوا عن شريعة موسى عليه السلام حيث غَلَبَتْ عليهم النَّزَعاتُ المادِّيةُ وفَقَدُوا الروحَ الدينيَّ الصحيحَ، فبَعَثه اللهُ تعالى لإرشاد الضالِّين مِن بني إسرائيل، فجدَّد لهم الدينَ وبيَّن لهم معالِمَه.

وقد أجرى اللهُ تعالى على عبده المسيحِ مِن الآيات البيِّنات ما جَرَتْ به سُنَّتُهُ؛ فأحيا الموتى، وأَبْرَأَ الأَكْمَهَ والأَبْرَصَ، وأَنْبَأَ الناسَ بما يأكلون وما يدَّخِرون في بيوتِهم، ودعا إلى الله وإلى عبادتِه وحده لا شريك له والتَّبَرِّي مِن عبادة الطواغيت والآراء الباطلة، متَّبِعًا سنَّةَ إخوانه المرسلين، ومصدِّقًا لمن كان قبله، ومبشِّرًا بمَن يأتي بعدَه(١). فكذَّبُوه وعادَوْه ورَمَوْه وأمَّه بالعظائم، وتآمروا على قتله، فطهَّره اللهُ منهم ورَفَعه إليه، وانتشرتْ دعوتُه بفضلِ ما أقامه اللهُ تعالى لأنصار المسيح مِن دعوةٍ إلى دينه وشريعته، حتَّى ظهر دينُه على مَن خالفه واستقام الأمرُ على السَّدَادِ(٢)، هذا ما عليه اعتقادُ أهل الحقِّ فيه.

غيرَ أنَّ هذه الرسالةَ واجهت اضطهادًا ومقاومةً شديدةً أَفْضَتْ إلى فقدان أصولها لامتزاجها بمعتقداتٍ شركيةٍ وفلسفاتٍ وَثَنِيَّةٍ، الأمرُ الذي ساعد على امتداد يدِ التحريف إليها، فنشأت النصرانيةُ بأفكارٍ ومعتقداتٍ منحرفةٍ عن الرسالة التي أُنزلت على عيسى عليه السلام.

حقيقة الله عند النصارى

ومِن أهمِّ ما قامت عليه النصرانيةُ مِن معتقداتٍ فلسفيةٍ وأفكارٍ وثنيةٍ: «الدعوةُ إلى التثليث» وإلى «ألوهية المسيح عليه السلام» و«ألوهية روح القُدُس»، فالنصارى يؤمنون بالثلاثة إلهًا واحدًا: الأبِ والابنِ وروحِ القُدُسِ، فهُمْ واحدٌ في الجَوْهَرِ متساوون في القدرة والمَجْدِ، وفي وجودهم لم يَسْبِقْ أحدٌ منهم الآخَرَ، وهم يعتقدون جميعًا بحلول الله تعالى في المسيح عيسى عليه السلام، ولكنَّهم يختلفون في كيفية الاتِّحاد والتجسُّد؛ فطائفةٌ ترى أنه كإشراق النور على الجسد المشفِّ، وفرقةٌ تعتقد أنه كانطباع النقش في الشمعة، وأخرى ترى أنه كظهور الروحانيِّ بالجسمانيِّ، وفرقةٌ رابعةٌ ترى أنَّ اللَّاهُوتَ تدرَّع بالناسوت، وفرقةٌ خامسةٌ تعتقد أنَّ الكلمةَ مازجت جسدَ المسيحِ ممازجةَ اللَّبَن للماء. فحقيقةُ الله عند النصارى في دينهم المحرَّف هو أنه جوهرٌ واحدٌ غيرُ متحيِّزٍ وليس بذي حجمٍ، بل هو قائمٌ بالنفس، وهو واحدٌ بالجوهرية ثلاثةٌ بالأقنومية(٣).

ولمَّا كان هذا الزعمُ باطلًا تعسَّر عليهم فهمُه(٤)، لذلك اختلف النصارى فيه اختلافًا ظاهرًا، وأفضى بكلِّ فرقةٍ إلى تكفير الفِرَق الأخرى بسببه، وقد حكم اللهُ تعالى بكفرهم جميعًا وأنَّ مصيرَهم العذابُ إنْ لم يَنْتَهُوا عمَّا يقولون، قال تعالى: ﴿لَّقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلَٰثَةٖۘ وَمَا مِنۡ إِلَٰهٍ إِلَّآ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۚ وَإِن لَّمۡ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٧٣ [المائدة].

ومِن معتقداتهم المنحرفة اختراعُ قصَّةِ الفداءِ والصَّلْبِ، فيعتقدون أنَّ المسيح عليه السلام ماتَ مصلوبًا تكفيرًا لخطايا البشر، فهو وحيدُ الله ـ في زعمهم ـ الذي أرسله ليخلِّصَ البشريةَ مِن إثمِ خطيئةِ أبيهم آدَمَ عليه السلام وخطاياهم(٥). واتَّفق النصارى جميعًا على أنَّ الابنَ اتَّحدَ بالشخص الذي يسمُّونه المسيحَ، وأنَّ ذلك الشخصَ ظهر للناس وصُلِبَ وقُتِلَ، لكنَّهم اختلفوا في كيفية صَلْبِه: هل القتلُ ورد على جزء «اللاهوت» أم ورد على جزء «الناسوت» أم على الجزءين معًا؟(٦) ثمَّ دُفن بعد صَلْبه، وقام بعد ثلاثة أيَّامٍ يوم الأحد متغلِّبًا على الموت ليرتفع إلى السماء.

وقد جاء تكذيبُ الله لهم وبيانُ حقيقة الوقائع وزيفِ ما ادَّعَوْه، قال تعالى: ﴿وَقَوۡلِهِمۡ إِنَّا قَتَلۡنَا ٱلۡمَسِيحَ عِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمۡۚ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُۚ مَا لَهُم بِهِۦ مِنۡ عِلۡمٍ إِلَّا ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينَۢا ١٥٧ بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيۡهِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا ١٥٨ [النساء].

أساس دين النصارى ومظاهر شركهم

هكذا كان أساسُ دين النصارى قائمًا على شَتْمِ الله وتنقُّصه والشركِ به، بناءً على الآراء الباطلة والمعتقدات الفاسدة التي أخذت النصرانيةُ معظمَها مِن الديانات الموجودة قبلها، مِمَّا أفقدَها جوهرَها وشكلَها الأساسيَّ الصحيح الذي كانت عليه دعوةُ المسيح عيسى ابنِ مريمَ عليه السلام رسولِ ربِّ العالمين، فجَمَع دينُ النصارى بين عَيْبِ الإله والشركِ به، سواءٌ في ربوبيته أو ألوهيته.

فمِن مظاهر شرك النصارى في الربوبية ما قدَّمْنَا مِن الغلوِّ في المخلوق حتَّى جعلوه شريكَ الخالقِ وجزءًا منه وإلهًا آخر معه، ونَفَوْا أن يكون عبدًا(٧).

ومِن شركهم في الربوبية التشبيهُ المزعومُ المتمثل في قول بعضهم باتِّحاد اللَّاهُوتِ والنَّاسُوتِ في شخصية المسيح. وفكرةُ حلوله في شخص عيسى عليه السلام تفيدُ أنَّ عيسى عليه السلام إنسانٌ إلهيٌّ صورتُه الخارجيَّةُ صورةُ إنسانٍ وطبيعتُه الداخلية إلهيَّةٌ، فهو مِن طبيعتين امتزجتا وصارتا طبيعةً واحدةً كامتزاج النار والحديد أو اللبن والماء.

ومِن شركهم في الربوبية قولُهم بمحاسبة المسيح عليه السلام الناسَ على أعمالهم في الآخرة(٨).

ومِن ذلك جعلُ التشريع حقًّا للرؤساء الرُّوحانيِّين في تنظيمهم الكَهَنُوتِيِّ، وإعطاءُ الراهب والقِسِّيسِ حقوقَ الغفران والتوبة(٩).

أمَّا عن مظاهر شرك النصارى في الألوهية فتتجلَّى في عبادة المسيح عليه السلام في مجمل صلواتهم، وتصويرِ الصور والتماثيل في كنائسهم وعبادتِها(١٠)، وتوجُّهِ بعضهم إلى مريم البَتُولِ بالعبادة على أنَّها والدةُ الإله، وتعظيمِ الصليب الذي هو شعارٌ لهم جارٍ مجرى تعظيم قبور الأنبياء، ولذلك لَعَنَ خاتمُ النَّبِيِّينَ صلى الله عليه وسلم اليهودَ والنصارى الذين اتَّخذوا قبورَ أنبيائِهم مساجدَ، وأصلُ الشركِ وعبادةِ الأوثان مِن العكوف على القبور واتِّخاذها مساجدَ.

فهكذا جمعت أمَّةُ النصارى بين الشرك وعيبِ الإله وتنقُّصِهِ، فإنَّهم أعظمُ ضلالًا مِن اليهود وأكثرُ شركًا(١١).

آثار شرك النصارى على أُمَّة الإسلام

هذا، ومِن آثار شرك النصارى على أمَّةِ الإسلام ما يَتَجَلَّى في أخطر مسألةٍ تأثَّر فيها المتصوِّفةُ وعبَّادُ الجهمية بالنصرانية المحرَّفة وهي عقيدة الحلول ـ كما تقدَّم ـ في اعتقاد النصارى بحلول الله في المسيح، فَقَدْ تَابَعَ غُلاةُ الصوفيةِ ومَن شاكَلَهم في القولِ بالحلول عقيدةَ النصارى، حيث زعموا أنَّ الحقَّ اصطفى أجسامًا حلَّ فيها بمعاني الربوبية، وأزال عنها معانيَ البشرية، والأجسامُ التي اصطفاها اللهُ تعالى أجسامُ أوليائه وأصفيائِه بطاعته وخدمته وزيَّنها بهدايته وبيَّن فضلَها على خَلْقِه حسب زعم المتصوِّفة(١٢)، وممَّا يدلُّ على ذلك ما أنشده الحلَّاجُ بقوله:

سُبْحَانَ مَنْ أَظْهَرَ نَاسُوتَهُ

 

سِرَّ سَنَا لَاهُوتِهِ الثَّاقِبِ

ثُمَّ بَدَا فِي خَلْقِهِ ظَاهِرًا

 

فِي صُورَةِ الآكِلِ وَالشَّارِبِ

حَتَّى لَقَدْ عَايَنَهُ خَلْقُهُ

 

كَلَحْظَةِ الحَاجِبِ بِالحَاجِبِ

وفي نظير شركهم ما وقع فيه طوائفُ مِن المنتسبين للإسلام، واشتبه عليهم ما يَحِلُّ في قلوب العارفين مِن الإيمان به ومعرفته، ونورِه وهداه، فظَنُّوا أنَّ ذلك نَفْسُ ذات الربِّ(١٣).

هذا، وقد كان أثرُ النصرانية المحرَّفة عاملًا لا سبيل إلى إنكاره في وجود عقيدة الغلوِّ في الأنبياء والأولياء والصالحين مِن هذه الأمَّة عند المتصوِّفة والرافضة والجهمية ومَن على شاكلتهم، حيث غَلَوْا في الرسولِ صلى الله عليه وسلم، وغَلَتِ الشيعةُ في عليِّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه وفي غيرهما ممَّن دونهما، وبَالَغُوا في المدح فرفعوهم مِن منزلة العبد إلى منزلة المعبود، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ»(١٤)، وقال صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكُمْ وَالغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الغُلُوُّ فِي الدِّينِ»(١٥)، كما وُجدت في هذه الطوائف وغيرها مِن القبوريين ممَّن ينتسبُ إلى الإسلام عقيدةُ السجود للقبور واتِّخاذِها مساجد، قال صلى الله عليه وسلم: «أَلَا وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ، أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا القُبُورَ مَسَاجِدَ، إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ»(١٦)، وقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، وَمَنْ يَتَّخِذُ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ»(١٧).

ومِن مظاهر التأثُّر بالنصارى في دعواهم أنَّ المسيح نورٌ ما ادَّعاه بعضُ المتصوِّفةِ في النبيِّ صلى الله عليه وسلم مِن أنه نورٌ مِن نور الله وغَلَوْا فيه(١٨)، ولا تكاد تجد كنيسةً خاليةً مِن صورة المسيح ومريمَ وجَرْجَسَ وبُطْرُسَ، وأكثرُهم يسجدون للصور ويَدْعونها مِن دون الله، وهكذا ترى بعضَ القبوريين والمتصوِّفةِ يضعون صورةَ شيخهم أو شيوخهم تُجاه قبلتِه ويركعون لها ويسجدون، وتُعَلَّقُ الصُّوَرُ أو تُحْمَلُ للاستشفاء والبركة، وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ أمَّ سَلَمَةَ ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسةً رَأَتْهَا بأرضِ الحبشةِ، وما فيها مِن الصور، فقال: «أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ العَبْدُ الصَّالِحُ أَوِ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللهِ»(١٩).

ومِن مظاهر التأثُّر ـ أيضًا ـ أنَّ النصارى أَعْطَتْ للزعماءِ الروحانيِّين سلطةَ التشريع التي هي مِن خصائصِ الربِّ عزَّ وجلَّ، فكانت عبادتُهم متجلِّيةً في طاعتهم في تحليل الحرام وتحريم الحلال، فعن عديِّ بن حاتمٍ رضي الله عنه أنه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقرأُ هذه الآية: ﴿ٱتَّخَذُوٓاْ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَٰنَهُمۡ أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ [التوبة: ٣١]، قَالَ: قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ»، قَالَ: «أَجَلْ، وَلَكِنْ يُحِلُّونَ لَهُمْ مَا حَرَّمَ اللهُ فَيَسْتَحِلُّونَهُ، وَيُحَرِّمُونَ عَلَيْهِمْ مَا أَحَلَّ اللهُ فَيُحَرِّمُونَهُ، فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ لَهُمْ»(٢٠)، وهكذا نرى طابع التأثير واضحًا في أهل التعصُّب مِن المقلِّدَةِ لمذاهبهم وعلمائِهم ولو ظهرت النصوصُ الشرعيةُ على خلافهم، كما يظهر في بعض الشعوب المسلمة التي أعطت سلطةَ التشريع والتغيير والتبديل لأمر الدين لبرلمانهم وحُكَّامهم دون تروٍّ أو تَمَعُّنٍ فيما وافق أحكامَ الشرع ونصوصَه أو خالفها.

هذا، فضلًا عمَّا تأثَّر به المتصوِّفةُ بالنصارى من مفاهيم الرَّهْبَنَةِ والتَّبَتُّلِ والهروبِ عن الناس وتركِ التزوُّجِ، والدعوةِ إلى تطهير الروح عن طريق تعذيب الجسد بأنواعٍ مِن المجاهدات الشاقَّةِ القاتلةِ والسياحة في البلاد، مقتدين في سلوكهم بمواعظ الرهبان وأخبار رياضتهم الروحية(٢١).

تلك هي أهمُّ آثار شرك النصارى على أمَّة الإسلام، فقد صدق قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ»، قُلْنَا: «يَا رَسُولَ اللهِ، اليَهُودُ وَالنَّصَارَى؟» قَالَ: «فَمَنْ»(٢٢).

والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٨ جمادى الأولى ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٥ جوان ٢٠٠٥م

 


(١) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٨/ ٦٠٦ ـ ٦٠٧).

(٢) انظر: «إغاثة اللهفان» لابن القيِّم (٢/ ٦٨٢).

(٣) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٨/ ٦٠٧). انظر: «مظاهر الانحرافات العقدية» لإدريس محمود إدريس (١/ ٧٥).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «والأقانيم ـ لفظًا ومعنًى ـ لا يوجد في كلام أحدٍ مِن الأنبياء، بل قيل فيها: إنها لفظةٌ روميةٌ، يفسِّرونها تارةً بالأصل، وتارةً بالشخص، وتارةً بالذات مع الصفة، ويفسِّرونها تارةً بالخاصَّة، وتارةً بالصفة» [«الجواب الصحيح لمن بدَّل دينَ المسيح» (٢/ ٢٢٢)].

(٤) انظر تصريحَ كثيرٍ مِن النصارى بعدم معقولية التثليث وأنَّها قضيَّةٌ لا يفهمها العقلُ ولا يقبلها في: «النصرانية مِن التوحيد إلى التثليث» لمحمَّد أحمد الحاج (٢٠٧).

(٥) انظر: «إغاثة اللهفان» لابن القيِّم (٢/ ٦٩٦)، و«الموسوعة الميسَّرة» تحت إشراف الجُهَني (٢/ ٥٧٥).

(٦) انظر: «المِلَل والنِّحَل» للشَّهْرِسْتاني (٢/ ٣٣ ـ ٤٤).

(٧) «إغاثة اللهفان» لابن القيِّم (٢/ ٦٩٤).

(٨) انظر: «الموسوعة الميسَّرة» (٢/ ٥٧٥)، «هداية الحيارى» لابن القيِّم (١٦٨) وما بعدها.

(٩) «هداية الحيارى» لابن القيِّم (٢٨).

(١٠) «إغاثة اللهفان» لابن القيِّم (٢/ ٦٩٨، ٧٠٤ ـ ٧٠٥).

(١١) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٧/ ٦٢٦)، «هداية الحيارى» لابن القيِّم (١٦٥).

(١٢) «مظاهر الانحرافات العقدية» لإدريس محمود إدريس (١/ ٧٦).

(١٣) انظر: «هداية الحيارى» لابن القيِّم (١٨٢).

(١٤) أخرجه البخاري في «أحاديث الأنبياء» (٣٤٤٥) من حديث عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه.

(١٥) أخرجه النسائيُّ في «مناسك الحجِّ» (٣٠٥٧)، من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنها. وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (٥/ ١٧٧).

(١٦) أخرجه مسلم في «المساجد» (٥٣٢) من حديث جندبٍ رضي الله عنه.

(١٧) أخرجه أحمد (٣٨٤٤) من حديث عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه. وحسَّنه الألباني في «أحكام الجنائز» (٢١٧).

(١٨) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢/ ٣١٦ ـ ٣١٧).

(١٩) أخرجه البخاري في «الصلاة» (٤٣٤)، ومسلم في «المساجد» (٥٢٨)، من حديث عائشة رضي الله عنها.

(٢٠) أخرجه الترمذي في «التفسير» (٣٠٩٥)، والبيهقي في «سننه الكبرى» (٢٠٣٥٠). وحسَّنه ابنُ تيمية في «الإيمان» (٦٤)، والألباني في «السلسلة الصحيحة» (٧/ ٨٦١).

(٢١) انظر أنموذجَ «إحياء علوم الدين» للغزَّالي، وهو يدلُّ على حرصِ الصوفية على الاستفادة مِن رياضات رهبان النصارى، وقد شحن كتابَه برواياتٍ منسوبةٍ إلى المسيح عليه السلام في التعبُّدات والأمثال والحِكَم والأحكام. [«الإحياء» (١/ ٢٦٦، ٣/ ٣٤٣)].

(٢٢) أخرجه البخاري في «الاعتصام بالكتاب والسنَّة» (٧٣٢٠)، ومسلم في «العلم» (٢٦٦٩)، مِن حديث أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه.