Skip to Content
الجمعة 19 رمضان 1445 هـ الموافق لـ 29 مارس 2024 م

الكلمة الشهرية رقم: ١٤٣

خلاصةٌ مُقتضَبةٌ للجوانب العَقَديَّة
في رسالةِ الشيخ ابنِ باديس ـ رحمه الله ـ: «العقائد الإسلاميَّة
مِنَ الآيات القرآنيَّة والأحاديث النبويَّة»
[مُستلَّةٌ مِنْ مقدِّمةٍ عامَّةٍ على «الحلل الذهبية»]

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فلا يخفى أنَّ أشرف العلومِ مكانةً، وأفضلَها قدرًا، وأعظمَها مطلبًا وفقهًا، وأربحَها مَكْسَبًا وأجرًا، وأولاها خدمةً وعنايةً واهتمامًا هو: ما يتعلَّق بالعقيدة الإسلامية التي تولَّى اللهُ بيانَها حقَّ البيان، بإظهارِ معاني الإسلام ومَبانِيه، وشرائعِه وأحكامه العِظام، وتوضيحِ عقائد الإيمان والإحسان؛ فكان أَنْ أَرْسلَ الرُّسُلَ عليهم السلام لذلك، وأَنْزل الكُتُب، وبيَّن فيها المقصودَ مِنْ خَلْق الجنِّ والإنس وإيجادِهم، أَلَا وهو توحيدُ الله وعبادتُه؛ قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ ٥٦ مَآ أُرِيدُ مِنۡهُم مِّن رِّزۡقٖ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطۡعِمُونِ ٥٧ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِينُ ٥٨[الذاريات]؛ ذلك لأنَّ شرف العلم بشرف المعلوم، ولا أشرفَ مِنْ توحيد الله ومعرفةِ أسمائه الحُسْنى وصِفَاته العُلَى، وإدراكِ حقوقه تعالى على عباده، والالتزامِ بذلك علمًا وعملًا.

هذا، وقد بَذَل علماءُ السلفِ ـ قديمًا وحديثًا ـ جهودًا كبيرةً في الدعوة إلى الله تعالى، تَبلورَ ـ مِنْ خلالها ـ الإفصاحُ عن قضايَا عَقَديَّةٍ، وثوابتَ شرعيَّةٍ، والتعبيرُ عن مواقفَ منهجيَّةٍ، وقواعدَ أساسيَّةٍ، وقِيَمٍ ربَّانيَّةٍ في فهم الإسلام والعملِ به نصًّا وروحًا؛ فقَدِ الْتَزموا بها في مُواجَهةِ التحدِّيَات الفكريَّةِ والكلاميَّة والفلسفيَّة التي نجمَتْ عنها فِتَنٌ عظيمةٌ وأحداثٌ كبرى؛ فأُقحِمَ في دِين الله ما ليس منه، وتعرَّضَتِ الآياتُ القرآنيَّةُ للتأويل والتحريف والتبديل، والسُّنَّةُ للردِّ والإبطال والوضع؛ فتوسَّعَتْ فيها دائرةُ البِدَع والضلالات، وسادَ الجدلُ العَقَديُّ والسياسيُّ العقيم، الذي أثاره المُخالِفون للرعيل الأوَّلِ في عصورهم؛ الأمرُ الذي أدَّى إلى شَقِّ صفوف المسلمين وتفريقِ جماعتهم وذهابِ رِيحهم وتسلُّطِ الأعداء عليهم.

وقد امتاز علماءُ السلفِ بهذا المنهجِ السُّنِّيِّ الأصيلِ في التعامل مع النصوص الشرعيَّة وتطبيقِها في واقعِ الحياة، وقد مَكَّنهم هذا الإشعاعُ المنهجيُّ ـ بفضل الله وحُسنِ عونه ـ مِنَ الرؤية الإسلاميَّة الواضحة التي أضاءَتْ لهم طريقَ الحقِّ الذي لا اعوجاجَ فيه، وخاصَّةً في عصرِنا الحاضر الذي هَيْمَنَتْ فيه الأنظمةُ المُختلِفة، وسيطرَتْ فيه النزعةُ المادِّيَّةُ القائمة على الإلحاد، بنظامها ومفاهيمها ومناهجِها المُخالِفةِ للإسلام وعقائده.

وممَّنْ حَمَل هذا العلمَ ـ في زماننا هذا ـ وأنارَ به أهلَ العمى، ودَعَا به مَنْ ضلَّ إلى الهدى، وأَحْيَا بالوحيَيْن الموتى بإذن المَوْلى عزَّ وجلَّ: رائدُ النهضة الحديثة بالمغرب العربيِّ الإسلاميِّ، وقائدُ الحركة الإصلاحيَّة ومؤسِّسُها ورئيسُ جمعيَّة العلماء المسلمين بالجزائر: الإمامُ الأستاذ الرئيس: عبد الحميد بنُ باديس ـ رحمه الله ـ، الذي أَيقنَ هو وزُمَلاؤُه علماءُ الجمعيَّة الأصيلةِ في الجزائر ـ حَرَسها اللهُ مِنْ كُلِّ سوءٍ ومكروهٍ ـ: أنَّ أَهَمَّ أسبابِ ضعفِ الأمَّة الإسلاميَّة ـ عامَّةً ـ والأمَّةِ الجزائريَّة ـ خاصَّةً ـ وتأخُّرِها عن الركب الحضاريِّ، ومسخِ شخصيَّتِها المتميِّزة، وتمزيقِ وحدَتِها، وتعثُّرِ نهوضها في مختلف الأَصْعِدة وكافَّةِ الميادين يكمن في الابتعاد عن حقيقة الدِّين الإسلاميِّ الصحيح، والميلِ عن منهج الكتاب والسُّنَّة، والانحرافِ عن طريقة السلف في فهمِ عقائد الإسلام ومَبادِئِه وأحكامِه وقواعده؛ لذلك كان ـ عندهم ـ مِنْ أَوْلى الأوَّليَّات وأحرى مُقدِّماتِ شروطِ النهضة وانبعاثِ الدعوة الإصلاحيَّة على أُسُسٍ صحيحةٍ ـ مِنْ جديدٍ ـ: إحياءُ منهجِ السلف بقواعده وخصائصه في مُختلفِ مجالاته، سواءٌ في مجال العقيدة أو المعرفة أو التشريع، مع الإدراك التامِّ والوعي العميق بوضعيَّة البلاد سياسيًّا وطبيعةِ المنطقة اجتماعيًّا وواقعِ البيئة دعويًّا، والتي عَشْعَشَ فيها الجهلُ والظلمُ والخرافةُ والشعوذة والتعصُّب وما إلى ذلك، مع الإحاطة علمًا بظروفها الاستعماريَّة المُساعِدة لها؛ لذلك ركَّز ابنُ باديس ـ رحمه الله ـ على الإصلاح التعليميِّ؛ وذلك بالعمل على نشرِ الرسالة القرآنيَّة، والاجتهادِ في الإرشاد القرآنيِّ وما حَوَاه مِنْ مَضامِينَ عَقَديَّةٍ ومنهجيَّةٍ وشرعيَّةٍ وأخلاقيَّةٍ، فضلًا عن تكريس المَعاني التربويَّة بالتأدُّب بالآداب النبويَّة؛ فأسَّسَ تعليمَه الإصلاحيَّ على هذا الوجه، وأطلقَ عليه: التعليمَ الحُرَّ، وهو يعتمد على الجهود الذاتيَّة والمُستقِلَّة بهدفِ تحقيق الشِّعار المعهود: «الإسلامُ دِينُنا، والعربيَّةُ لُغَتُنا، والجزائرُ وطنُنا».

هذا، ومِنْ خلالِ أبوابِ العقيدة الإسلاميَّة وفصولِها التي تَناوَلها الشيخُ عبد الحميد بنُ باديس ـ رحمه الله ـ بالبيان والإيجاز في رسالته: «العقائد الإسلامية مِنَ الآيات القرآنية والأحاديث النبوية»، اتَّضح فيها المنهجُ التوقيفيُّ في تقريرِ مسائل الاعتقاد بالتسليم المُطلَق للنصوص الشرعيَّة مِنَ الآيات القرآنيَّة والأحاديث النبويَّة الصحيحة؛ فلم يردَّ منها شيئًا، ولم يعارضها بشيءٍ، ولا تَجاوَزها إلى إعمالِ رأيٍ أو قياسٍ أو ذوقٍ، كما هو سبيلُ أهلِ السنَّة والجماعة الذين الْتزموا قولَه تعالى: ﴿يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ‌ۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ‌ۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ ١[الحُجُرات]، وقد عَمِل على بيانِ درجات الدِّين: مِنَ الإسلام ثمَّ الإيمان ثمَّ الإحسان، مبنيًّا على أسئلةِ جبريلَ عليه السلام للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن هذه المراتبِ والدرجات في حديثٍ اشتمل على جميعِ وظائف العبادات الظاهرة والباطنة، مِنْ عقود الإيمان وأعمال الجوارح وإخلاص السرائر والتحفُّظ مِنْ آفات الأعمال.

وقد تابع المصنِّف ـ رحمه الله ـ أهمَّ قواعد الإسلام في الباب الأوَّل، وبيَّن فيه أنه لا نجاةَ إلَّا بالإسلام الذي هو دِينُ الله تعالى الذي جاء به النبيُّ محمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فلا إسلامَ إلَّا بالإيمان به صلَّى الله عليه وسلَّم، ولا إسلامَ إلَّا مِنْ طريقه، ثمَّ بيَّن الشهادةَ التي هي مفتاحُ الإسلام والإيمان، وأَظهرَ بقيَّةَ القواعد التي تَعرَّض لها وأجلى معانِيَها بنصوص الوحيَيْن.

كما أَرْدَف بالبيان المَعانيَ الأخرى للإسلام في الباب الثاني، منبِّهًا على أنَّ الإسلام قد يأتي بمعنَى الدِّين، أو بمعنَى الانقيادِ والإخلاص، أو بمعنَى الأعمالِ الظاهرة الصالحة، أو بمعنى الاستسلام.

ثمَّ عرَّج المصنِّف ـ رحمه الله ـ ـ في الباب الثالث ـ على الإيمان؛ فعرَّفه وذَكَر مباحِثَه، وأنه قولٌ وعملٌ، يزيد وينقص، ويقوى ويضعف، وأنه لا يُبْطِله نقصُ الأعمال، كما أَوْضح فيه تَلاقيَ معنَى الإسلامِ والإيمان، وصفةَ المؤمن الفاسق، وغيرَها مِنْ مباحث الإيمان.

وخصَّص البابَ الرابع للإحسان فخَتَم به الأبوابَ السابقة.

ثمَّ أردف المصنِّفُ ـ رحمه الله ـ الأبوابَ الأربعةَ المتعلِّقة بقواعد الإسلام ومعانيه، ومسائلِ الإيمان والإحسان، فتَناوَل ـ في الباب الخامس ـ الإيمانَ بالله تعالى، ثمَّ أَعقبَه في الباب السادس: بمعرفة أسماء الله الحُسْنى وصِفَاتِه العُلَى؛ وكِلَا البابين هما الأساسُ الذي تُبْنى عليه الحياةُ الروحيَّة، وتَحْيا بها الحياةَ الطيِّبة، ويَبْعَثُ بالمرء على طَلَبِ مَعالي الأمورِ وأشرافها، ويَنْأَى به عن مُحقَّراتِ الأعمال وسَفاسِفِها.

ثمَّ بيَّن المصنِّف ـ رحمه الله ـ ـ في الباب السابع ـ التوحيدَ الخالص الذي هو أصلُ دِينِ الإسلام وحقيقتُه؛ إذ إنَّ أصله أَنْ لا يُعْبَدَ إلَّا اللهُ، وأَنْ لا يُعْبَدَ إلَّا بما شَرَعَ؛ فهو أساسُ شهادةِ التوحيد ومَبْنَى شهادةِ الحقِّ المُتمثِّلةِ في: «شهادةِ أَنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ محمَّدًا رسولُ الله» علمًا وقولًا وعملًا؛ فهي أوَّلُ واجبٍ للدخول في الإسلام وآخِرُه، وبها تُعْصَمُ الدماءُ والأموال، وبها النجاةُ مِنَ النار، وبجَحْدِها يكون العبدُ مِنَ المُشْرِكين الضالِّين الهالكين.

وضِمْنَ هذا المعنى بيَّن الشيخُ عبد الحميد بنُ باديس ـ رحمه الله ـ ـ في كتابه: «العقائد الإسلامية مِنَ الآيات القرآنيَّة والأحاديث النبويَّة» ـ التوحيدَ بقِسْمَيْه ـ العلميِّ والعمليِّ ـ على غِرارِ ما بيَّنه أهلُ السنَّة، وهُمْ ـ وإِنْ تَنوَّعَتْ عباراتُهم في ذِكْرِ أنواعِ التوحيد ـ إلَّا أنَّ قسمة الشيخ ابنِ باديس ـ رحمه الله ـ لا تخرج عنها في مَعْناها ومُحْتواها.

فقَدْ تَعرَّضَ الشيخ عبد الحميد بنُ باديس ـ رحمه الله ـ إلى التوحيد العلميِّ المتمثِّلِ في توحيد الربوبيَّة، وهو الإقرارُ بأنَّ الله تعالى ـ وَحْدَهُ لا شريكَ له ـ الخالقُ لكُلِّ المخلوقاتِ العلويَّةِ والسفليَّة والمرئيَّةِ وغيرِها، والاعترافُ بأنه ـ سبحانه ـ وَحْدَه المتصرِّفُ في هذا الكون، لا يخرج شيءٌ عن ربوبيَّته، ولا يَسْتقِلُّ شيءٌ سِواهُ بإحداثِ أمرٍ مِنَ الأمور، بل ما شاءَ كان وما لم يَشَأْ لم يكن، علمًا أنَّ المُصنِّفَ ـ رحمه الله ـ قد سَبَقَ وأَنْ تَعرَّضَ ـ في الباب السابق ـ إلى أَجَلِّ أبواب التوحيد وأَعْظَمِها قَدْرًا وهو توحيدُ الأسماءِ والصفات لارتباطِه بالله عزَّ وجلَّ في ذاته وأسمائه وصِفاته، وهو أَحَدُ قِسْمَيِ التوحيد العلميِّ؛ حيث بيَّن فيه عقيدةَ أهلِ السنَّة القائمةَ على أصلين راسخَيْن وهُمَا: إثباتٌ بلا تشبيهٍ ولا تمثيلٍ أوَّلًا، وتنزيهٌ بلا تحريفٍ ولا تعطيلٍ ثانيًا.

أمَّا التوحيد العمليُّ المتمثِّلُ في توحيد الألوهيَّة والعبادة فهو العلمُ والاعترافُ بأنَّ الله ذو الألوهيَّة والمعبوديَّة على خَلْقِه أجمعين، وقد بيَّن الشيخُ عبد الحميد بنُ باديس ـ رحمه الله ـ أنَّ تحقيقَ هذا التوحيدِ لا يكون إلَّا بوجودِ أصلين: إخلاص العبادة لله تعالى وَحْدَه دون ما سِواهُ أوَّلًا، وأَنْ تكون العبادةُ مُوافِقةً لشَرْعِه ثانيًا؛ فاجتماعُ أصلِ الإخلاص والمُتابَعةِ يُتَرْجِمُ مدلولَ الشهادتين؛ فهُما توحيدان: توحيدُ المُرْسِلِ، وتوحيدُ مُتابَعةِ الرسول، ولا نَجاةَ للعبد مِنْ عذابِ الله إلَّا بهما.

وقد ذَكَر الشيخُ عبد الحميد بنُ باديس ـ رحمه الله ـ صُوَرًا مُتعدِّدةً لوحدانيَّة الله تعالى في ربوبيَّته وألوهيَّته ضمَّنها عمومَ مُصنَّفِه.

ثمَّ تَناوَل الشيخ ابنُ باديس ـ رحمه الله ـ ـ بالتجلِيَة والبيان ـ رُكنَ الإيمان بالقَدَر ـ في الباب الثامن ـ بأَدَقِّ عبارةٍ وأَوْجزِها، فقدَّم رُتبتَه على بقيَّةِ الأركان الأخرى، وجَعَلَه ممَّا يَلِي مرتبةَ الإيمان بالله تعالى؛ مُراعاةً لتَعَلُّقِه به ـ سبحانه ـ؛ إذ القَدَرُ سرٌّ استأثر اللهُ به، وعِلْمٌ حَجَبَه عمَّنْ سِواهُ مِنْ خَلْقه، ولِمَا في موضوع القَدَرِ مِنْ صِلَةٍ وثيقةٍ بالتوحيد بقسمَيْهِ العلميِّ والعمليِّ، وما يَتفرَّعُ عنه مِنْ صُوَرٍ مُتعدِّدةٍ لوحدانيَّة الله في ربوبيَّته وألوهيَّته؛ فقَدْ رُوِي عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قولُه: «القَدَرُ نِظَامُ التَّوْحِيدِ، فَمَنْ وَحَّدَ اللهَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالْقَدَرِ كَانَ كُفْرُهُ بِالْقَضَاءِ نَقْضًا لِلتَّوْحِيدِ، وَمَنْ وَحَّدَ اللهَ وَآمَنَ بِالقَدَرِ كَانَ العُرْوَة الوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا» [أخرجه اللَّالكائيُّ في «شرح اعتقاد أهل السنَّة» (٤/ ٦٨٩، ٧٤٢)، وابنُ بطَّة في «الإبانة» (٢/ ٢٣٤)، والآجُرِّيُّ في «الشريعة» (٢١٠)]؛ ولأنَّ في الإيمانِ بالقَدَرِ تحقيقًا للعبوديَّة لله واستشعارًا لعظمَتِه وقدرتِه ـ سبحانه وتعالى ـ.

هذا، وقد بيَّن المصنِّفُ ـ رحمه الله ـ عقيدةَ أهل السنَّة والجماعة في وجوب الإيمان بالقَدَر، وأنَّ الأمور كُلَّها ـ خَيْرَها وشَرَّها، نَفْعَها وضَرَّها، حُلْوَها ومُرَّها ـ تجري بقضاءِ اللهِ وقَدَرِه، وأنَّ ما شاءَ اللهُ كان وما لم يَشَأْ لم يكن، وأنَّ الله خالِقُ كُلِّ صانعٍ وصَنْعتِه، وأنه ـ سبحانه ـ عَلِمَ ـ أَزَلًا ـ ما الخَلْقُ عاملون، وأنه كَتَبَ مَقاديرَ الخلائقِ قبل خَلْقِ السماوات والأرض بخمسين ألفَ سنةٍ، فخَلَقَ مَنْ شاءَ للسعادة واستعمله لها فضلًا، وخَلَقَ مَنْ شاءَ للشقاوة واستعمله لها عدلًا، وأنه لا مانِعَ لِمَا أعطى، ولا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ.

ثمَّ أَفْصَحَ ـ رحمه الله ـ عمَّا عليه أهلُ السنَّةِ مِنْ أنَّ الإيمان بالقَدَرِ لا يتمُّ إلَّا بتحقيقِ مَراتِبِه، ويأتي في طليعتها: مرتبةُ العلمِ السابق، وهي الإيمانُ بأنَّ اللهَ قد عَلِمَ الأشياءَ كُلَّها قبل كونها، والإيمانُ بما كَتَبَه اللهُ مِنْ مَقاديرِ الأشياءِ كُلِّها في اللوح المحفوظ قبل وجودها وحدوثها، مع التنبيهِ على أنَّ القَدَرَ السابقَ لا يمنع العملَ ولا يُوجِبُ الاتِّكالَ، هذا مِنْ جهةٍ؛ وأنه ـ مِنْ جهةٍ أخرى ـ لا يجوز الاحتجاجُ به على تركِ العملِ ولا على مُخالَفةِ الشرع، مُؤكِّدًا بأنَّ الأخذ بالأسبابِ لا يُنافي الإيمانَ بسَبْقِ قَدَرِ الله، وأنه لا يكون إلَّا ما قدَّره منها، ثمَّ خَتَمَ المصنِّفُ ـ رحمه الله ـ عقيدةَ القَدَرِ ـ عند أهل السنَّة ـ بإثباتِ حكمة اللهِ في خَلْقِه وأَمْرِه على ما دلَّ عليه الكتابُ والسنَّةُ في مَواضِعَ عديدةٍ لا تكادُ تُحصى.

وخَتَم رسالتَه العَقَديَّة ببقيَّة الأركان المتعلِّقةِ بعقائدِ الإيمان الأخرى، وهي:

ـ الإيمان ـ في الباب التاسع ـ بالملائكة عليهم السلام، حيث بيَّن حقيقتَهم وصِفاتِهم وأعمالَهُم، ووجوبَ الإيمان بهم، بالإقرار بوجودهم على وجه الحقيقة، وإنزالِهِم منازلَهُم التي أنزلهم اللهُ، وأنهم ـ كسائر خَلْقه ـ مأمورون ومكلَّفون، والإقرار ـ أيضًا ـ بما ثَبَت في حقِّهم في الكتاب والسنَّة.

ـ الإيمان ـ في الباب العاشر ـ بكُتُب اللهِ تعالى المُنزَلة على أنبيائه ورُسُلِه، وأنها كلامُ اللهِ الذي أوحاه إلى رُسُله ليبلِّغوا عنه شَرْعَه ودِينَه إلى عباده بالحقِّ المبين، وأنَّ الله حَفِظ القرآنَ مِنَ الزيادةِ والنقص والتحريف والتبديل دون غيرِه مِنَ الكُتُب؛ فكان القرآنُ الكريمُ هو الهدايةَ العامَّة للبشر، المُبيِّنَ لكُلِّ ما تتوقَّف عليه سعادتُهم الدنيويَّةُ والأخرويَّة، مقرِّرًا ـ في ذلك ـ أنَّ الإيمان بالسنَّة إيمانٌ بالقرآن، وأنَّ علاقتها بالقرآن تكامليَّةٌ في التشريع والبيان.

ـ الإيمان ـ في الباب الحادي عشر ـ بالرُّسُل عليهم السلام، والحكمةِ مِنْ بعثِهم، وصِفة اختيارهم، وأنَّ الرسالة منحةٌ إلهيَّةٌ وهِبَةٌ خاصَّةٌ لا تُنالُ بالتشهِّي والرغبة، وإنما يختصُّ بها اللهُ تعالى ويَهَبُها مَنْ أهَّله سبحانه مِنْ عباده المؤمنين، وهي ضرورةٌ مِنْ ضروراتِ حياة العبد؛ فلا غِنَى عنها بحالٍ، وأنَّ الرُّسُلَ هم حجَّةُ اللهِ وشهودُه، خصَّهم بمزايا وفضائلَ ليتمكَّنوا مِنَ القيام بأعباء الرسالة ويقوَوْا على ما تحويه مَهمَّتُهم الربَّانيَّة في التبليغ والدعوة، وأيَّدهم بالبيِّنات والآيات الدالَّة على صِدْقِهم حتَّى لا يبقى عذرٌ لأحَدٍ في تكذيبهم والخروجِ عن طاعتهم، وهم عليهم السلام ـ على عُلُوِّ مرتبتهم ـ لا يمتازون عن الخَلْق في تمامِ عبوديتهم بافتقارهم إلى الله وجريانِ قَدَرِه عليهم، وعدمِ مِلْكهم شيئًا معه مِنَ التصرُّف في مُلْكه، وعدمِ علمِهم الغيبَ إلَّا ما علَّمهم اللهُ، مع وجوب التأدُّب معهم فيما عُوتِبُوا عليه واستغفروا منه، وقد خَتَم اللهُ الرسالةَ بمحمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم واختصَّه عن غيره مِنَ الرُّسُل والأنبياء بخصائصَ جمَّةٍ ومراتبَ عاليةٍ ومكارِمَ عِدَّةٍ نال بها التفضيلَ المُطلَق على العالَمِين، وجَعَل اللهُ له آيةً علميَّةً وحجَّةً عقليَّةً ومعجزةً خالدةً، يخضع لها كُلُّ مَنْ سَمِعها ويهتدي بها كُلُّ مَنْ فَهِمها، ولا يستطيع مُعارَضتَها مَنْ يُعارِضها لا في لفظها ولا في أسلوبها وبيانِها، وهي كتابُه القرآنُ الكريم، وقد تَعهَّد اللهُ بحفظه إلى أَنْ يرفعه إليه في آخِر الزمان، روحًا محفوظًا تَحْيَا به القلوبُ، وتسمو به النفوسُ والأرواح، وتنتظم به مصالحُ الدنيا والدِّين.

ـ الإيمان ـ في الباب الثاني عشر ـ باليوم الآخر، وأراد به المصنِّف ـ رحمه الله ـ :

أوَّلًا: الإيمانَ بانتهاء الوجود الدنيويِّ وفَناءِ الحياة كُلِّيَّةً بجميع عوالمها.

ثانيًا: والإيمانَ بحدوث الوجود الأخرويِّ المتمثِّل في الإقبال على الآخرة وابتدائها، وهو المَعاد الجسمانيُّ الذي يبعث اللهُ فيه عِبادَه يومَ القيامة إلى الموقف الأعظم، حيث يجري القضاءُ الإلهي، وتُعْطى الكُتُبُ التي يدور الحسابُ على مُحتوَيَاتها، وتُحصَر الأعمالُ جميعُها وتخضع لموازين العدل ذاتِ الدقَّةِ المُتناهِيَة، ويتبعه المرورُ على الصراط المضروبِ على ظهرِ جهنَّمَ، فينجو فيه أهلُ الجنَّة وينتهون إليها، ويسقط منه في النارِ أهلُ النار.

ـ والإيمان بأنَّ الله خَلَق النارَ دارَ عذابٍ وخلودٍ لمَنْ كَفَر، ودارَ عذابٍ إلى أجلٍ لمَنْ رجحَتْ سيِّئاتُهم على حسناتهم مِنْ أهل التوحيد فاستحقُّوا العذابَ.

ـ والإيمان بأنَّ الله خَلَق الجنَّةَ دارَ نعيمٍ وخلودٍ للمؤمنين جزاءً على إيمانهم وعملِهم الصالح، وحرَّمها على الكافرين، وخَتَم المصنِّفُ ـ رحمه الله ـ جميعَ فصولِ رسالته بدار النعيم والحمدلة؛ تفاؤلًا بحُسْنِ الخاتمة والرجاءِ في عفو الله ورِضاهُ عنه والفوزِ بالنعيم المُقيم في الجنَّة، وما أَعدَّه اللهُ فيها للأبرار مِنْ خيراتٍ حِسانٍ أعظمُها رؤيةُ الله تعالى التي هي أسمى غايات المسلم وأقصى أمانيِّه.

وهكذا جاءَتْ أبوابُ رسالةِ الشيخ ابنِ باديس ـ رحمه الله ـ العَقَديَّةِ وفصولُها مدعَّمةً بالنصوص الشرعيَّة مِنَ الآيات القرآنيَّة والأحاديث النبويَّة، ومُشتمِلةً على ما يجب على المكلَّفِ اعتقادُه والإيمانُ به، وما ينبغي أَنْ يكون شعاره، مشيرًا إلى أطراف أدلَّتِه على وجه الاختصار والإيجاز.

وقد استقى الشيخُ عبدُ الحميد بنُ باديس ـ رحمه الله ـ مصادِرَ استدلاله على مسائل الاعتقاد ومَنْهَجَه في تقريرِ أسماءِ الله وصِفَاتِه في كتابه: «العقائد الإسلاميَّة» مِنَ المصدرِ القرآنيِّ والحديثيِّ وما أجمعَ عليه أهلُ السنَّة والجماعة، واتَّخذ وسيلةَ الكتاب والسنَّة للكشف عن حقيقةِ المعرفة بالله تعالى، والتي يرجع مَسْلَكُها إلى جهتين:

الأولى: مُخاطَبةُ العقلِ وإيقاظُه، وتوظيفُه في التأمُّل والنظر والتفكير؛ ليُدْرِكَ به سُنَنَ الكونِ وحقائقَ الأشياءِ وعِلَلَ الوجود؛ ليتعرَّفَ ـ مِنْ خلالِ عَقْلِه المُتأمِّلِ وتفكيرِه المُعمَّقِ ـ مَظاهِرَ وحدانيَّة الله تعالى وعَظَمتِه، وأَدِلَّةَ ربوبيَّته وقُدسيَّته، واستحقاقَه الإخلاصَ المُطْلَقَ في دِينِه وعبوديَّتِه، وما كان العقلُ ليُدرِكها لولا تنبيهُ الوحي وإرشادُه إلى طُرُقِ معرفتها.

والثانية: وسيلة الأسماءِ والصفات التي تَعرَّفَ اللهُ بها إلى خَلْقِه، والتي تُحرِّكُ فيهم الوجدانَ، وتَفْتَحُ أمامَهم مجالًا واسعًا للتعرُّف على صفات الجمال والجلال، وعلى شمولِ عِلْمِه، ونفوذِ قُدرته، وتَفَرُّدِه بالخَلْقِ والإبداع، واستحقاقِه الألوهيَّةَ المُطْلَقةَ والعبوديَّة الخالصة.

ويتجلَّى ـ مِنْ خلالِ نَفَسِ الشيخ ابنِ باديس ـ رحمه الله ـ ـ عنايتُه بهذه الجوانبِ العَقَديَّة؛ لتعريفِ أُمَّته بعقيدتهم الإسلاميَّةِ الصحيحة الثابتةِ بالكتاب والسُّنَّة، والتي كان عليها أهلُ بلادِه سَلَفًا قبل عدولِ بعضِ الخلف عن نَهْجِ الفطرةِ إلى مَدارِسَ عَقَديَّةٍ مُخْتلِفةٍ، انتشرَتْ على إثرِ الخلافات والصراعات السياسيَّة والحروبِ عبر تاريخ الجزائر، والتي مزَّقَتِ الشَّملَ والتلاحم، ووسَّعَتِ الهوَّةَ بين الأُمَّةِ الواحدة، هذا مِنْ جهةٍ، كما ظَهَرَ نَفَسُ الشيخِ ابنِ باديس ـ رحمه الله ـ ـ مِنْ جهةٍ أخرى ـ في إعدادِ العُدَّةِ الإيمانيَّة لمُواجَهةِ التيَّارات الإلحاديَّة التي كانَتْ في عصرِه ولا تَزالُ، سواءٌ مِنَ الفِرَق والأحزاب والشخصيَّات، أو ممَّنْ تَأثَّروا بشُبَهِهم الضالَّةِ المُتوارِدةِ على وحدانيَّة الله ووجوهِ كمالِه.

وجريًا على ما سَبَق، فقَدْ تناوَلْتُ الموضوعاتِ العَقَديَّةَ عند الشيخ عبد الحميد بنِ باديس ـ رحمه الله ـ بأبوابها وفصولها وما تَفَرَّعَ عنها مِنْ مَسَائِلَ مُتعلِّقةٍ بها مِنْ خلالِ كتابه: «العقائد الإسلاميَّة مِنَ الآيات القرآنيَّة والأحاديث النبويَّة»، ثمَّ جزَّأْتُ كتابَه إلى موضوعاتٍ ومُفْرَداتٍ كبرى للإيمان؛ فتَعرَّضْتُ لتلك الجوانبِ العَقَديَّة بالشرح والمزيد مِنَ التعليق على بعضِ مَسَائِلِ الموضوعات التي تدعو الحاجةُ فيها إلى البيان في شكلِ كُتُبٍ مُستقِلَّةٍ، ثمَّ عَمِلْتُ على جمعها عند الانتهاء مِنْ شرحها جميعًا، وقد حَرَصْتُ ـ في دراسةِ هذا الكتابِ وشرحِه والتعليقِ عليه ـ أَنْ أجعله مقبولًا بتَسَلْسُله، وثيقًا بترابُطِه؛ ليَسْهُلَ تناولُه والإحاطةُ به؛ فافْتَتحتُه بهذه المقدِّمة، مُظهِرًا فيها الجوانبَ العَقَديَّةَ التي تَناوَلها المصنِّفُ ـ رحمه الله ـ، وأبرَزْتُ فيها منهجيَّتي المتمثِّلةَ ـ في الجملة ـ في توجيه العنايةِ إلى توثيقِ نصِّ الكتاب وتصحيحِه وتخليصِه مِنْ شوائب التصحيف والتحريف، وشرحِ نصِّ المصنِّف ـ رحمه الله ـ بما يتوافق مع نصوص الوحي، مع ترتيب مصادرِ التخريج على تاريخِ وفَيَاتِ أصحابها، وبيانِ موضع الآيات الواردة في نصِّ المصنِّف ونسبَتِها إلى سُوَرها في القرآن الكريم، وتخريجِ الأحاديث الواردة في المتن مع بيانِ درجةِ صحَّتِها، وغير ذلك ممَّا تضمَّنه عملي بخُطُواته المنهجيَّة.

وأردَفْتُ المقدِّمةَ بجدولِ رموز النُّسَخ المُعتمَدة في المقابلة، ثمَّ ترجمتُ الشيخَ عبد الحميد بنَ باديس ـ رحمه الله ـ ترجمةً مُوجَزةً، أَعقَبْتُها ببعضِ مقالاته مشروحةً مِنْ جملةِ آثاره، تدور ـ في عمومها ـ على التوجيه المنهجيِّ والتعليمِ الإصلاحيِّ، وهي:

ـ صلاحُ التعليمِ أساسُ الإصلاح [ـ ١ ـ].

ـ صلاحُ التعليم أساسُ الإصلاحِ [ـ ٢ ـ].

ـ الإسلام الوراثيُّ والإسلام الذاتيُّ.. أيُّهُما ينهض بالأُمَم؟

ـ في نصيحةٍ نافعةٍ ووصيَّةٍ جامعةٍ.

ـ إرشادٌ واستنهاضٌ.

ـ بواعثُنا ـ عملُنا ـ خُطَّتُنا ـ غايتُنا.

ثمَّ أضَفْتُ ـ بعدها ـ تقديمَ الشيخ محمَّد البشير الإبراهيميِّ ـ رحمه الله ـ على «العقائد الإسلاميَّة مِنَ الآيات القرآنيَّة والأحاديثِ النبويَّة»؛ والناظرُ إليه يُدرِك المعانيَ التوجيهيَّةَ والمنهجيَّة مُتبلوِرَةً فيه، وقد عَمِلْتُ على تحقيقِ نصِّ تقديم الشيخ الإبراهيميِّ ـ رحمه الله ـ والتعليقِ عليه، وتوجيهِ المسائل المنهجيَّة المُتضمَّنةِ فيه، وقد أَجْلى فيه أساليبَ البناء التي أسَّس بها المسلمون الأوائلُ دعوتَهم، وأساليبَ التحذير والإنذار مِنْ خطر الخروج عن صراط الله المستقيم، الواجبِ اتِّباعُه على كُلِّ مسلمٍ يريد النجاةَ، باجتنابِ أنواع البِدَع والضلالات والخرافات والخُزَعْبلات، والعملِ على هدمِ العوائق المانعةِ التي حالَتْ دون تحقيقِ نهضةٍ إسلاميَّةٍ شاملةٍ.

ثمَّ وضعتُ مَتْنَ «العقائد الإسلاميَّة» كاملًا قبل تَناوُله بالشرح، واستبقَيْتُ على العناوينِ الفرعيَّةِ المُثْبَتةِ على «العقائد الإسلاميَّة» لكُلٍّ مِنَ الأستاذ: محمَّد صالح رمضان، والأستاذ: محمَّد الحسن فضلاء رحمهما الله، وأضَفْتُ إليها عناوينَ فرعيَّةً أخرى إذا اقتضى الأمرُ واحتاج المَقامُ إلى ذلك، ووضَعْتُ العناوينَ الفرعيَّة بين معكوفتين ترتيبًا للمعلومات وتفصيلًا للمَسائِل؛ كما وضَعْتُ جدولَ رموز النُّسَخ المُعتمَدة التي قابَلْتُ بينها في الصفحة المُوالِيَةِ لهذه المقدِّمة؛ إتمامًا للفائدة العلميَّة وتعميمًا للخير، ورتَّبْتُ الكُتُبَ ذاتَ الموضوعاتِ والمُفرَدات الكبرى بالتسميات التالية:

أوَّلًا: رَوْح التنفيس
شرح معنى الإسلام والإيمان والإحسان
للأستاذ الإمام عبد الحميد بنِ باديس ـ رحمه الله ـ (ت: ١٣٥٩ﻫ)
مع بيان قواعد الإسلام
مِنَ الآيات القرآنية والأحاديث النبوية

وجاءَتْ مُنتظِمةً في افتتاحٍ وأربعةِ أبوابٍ:

الباب الأوَّل: قواعد الإسلام

[وفيه أربعةَ عَشَر فصلًا].

الباب الثاني: بيان معنى الإسلام

[وفيه خمسةُ فصولٍ].

الباب الثالث: بيان الإيمان

[وفيه أربعةَ عَشَر فصلًا].

الباب الرابع: بيان الإحسان

[وفيه فصلٌ واحدٌ].

ثانيًا: إمتاع الجليس
شرح عقائد الإيمان للإمام ابنِ باديس ـ
 رحمه الله ـومنهجه في تقريرِ أسماءِ الله وصفاته

وجاءَتْ مُنتظِمةً في بابين:

الباب الخامس: عقيدة الإيمان بالله

[وفيه ثلاثةُ فصولٍ].

الباب السادس: عقيدةُ الإثباتِ والتنزيه

[وفيه أحَدَ عَشَر فصلًا].

ثالثًا: تحفة الأنيس
شرح عقيدة التوحيد للإمام ابنِ باديس ـ
 رحمه الله ـ

وهي مُنتظِمةٌ في بابٍ واحدٍ:

الباب السابع: التوحيدُ العلميُّ والعمليُّ

[وفيه ثمانيةُ فصولٍ].

رابعًا: التعليق النفيس
في بيانِ عقيدة الإيمان بالقَدَرِ عند الإمام عبد الحميد بنِ باديس ـ
 رحمه الله ـ

وهي مُنتظِمةٌ ـ أيضًا ـ في بابٍ واحدٍ:

الباب الثامن: الإيمان بالقَدَر

[وفيه ستَّة فصول].

خامسًا: تنوير التأسيس
شرح أركان الإيمان العِظام
[الملائكة ـ الكُتُب ـ الأنبياء ـ اليوم الآخِر]
للإمام عبد الحميد بنِ باديس ـ رحمه الله ـ

وجاءَتْ مُنتظِمةً ـ أخيرًا ـ في أربعةِ أبوابٍ وخاتمةٍ:

الباب التاسع: الإيمان بالملائكة عليهم السلام

[وفيه فصلٌ واحد].

الباب العاشر: الإيمان بكُتبِ الله تعالى

[وفيه أربعةُ فصولٍ].

الباب الحادي عشر: عقائد الإيمانِ بالرُّسُل عليهم الصلاةُ والسلام

[وفيه ستَّةُ فصولٍ].

الباب الثاني عشر: عقائد الإيمان بِاليومِ الآخِر

[وفيه ستَّةُ فصولٍ].

الخاتمة.

وقد جمَعْتُ هذه الكُتُبَ السابقة ـ كما أسلَفْتُ ـ في كتابٍ واحدٍ، ووَسَمْتُه بعنوانِ:

الحُلَل الذهبيَّة
شرح العقائد الإسلاميَّة
مِنَ الآيات القرآنيَّة والأحاديث النبويَّة

وتبعًا للخطوات المنهجيَّة المُتَّبَعةِ فقَدْ أَعدَدْتُ فهارسَ فنِّيَّةً علميةً عامَّةً للكتاب؛ تسهيلًا للرجوع إلى المادَّة العلميَّة والاستفادةِ منها، وهي تتضمَّن:

ـ فهرس الآيات القرآنيَّة.

ـ فهرس الأحاديث النبويَّة.

ـ فهرس الآثار.

ـ فهرس الأشعار.

ـ فهرس الأعلام.

ـ فهرس الفِرَق.

ـ فهرس الكُتُب، وقد رتَّبْتُ الكُتُبَ على الشكل التالي:

ـ كُتُب علوم القرآن والتفسير.

ـ كُتُب الحديث وعلومه.

ـ كُتُب العقائد والفِرَق والأديان.

ـ كُتُب أصول الفقه والقواعد الفقهيَّة.

ـ كُتُب الفقه.

ـ كُتُب اللغة وعلومها.

ـ كُتُب القبائل والأنساب.

ـ كُتُب التاريخ والتراجم.

ـ كُتُب الأقطار والبلدان.

ـ كُتُب متنوِّعة أخرى.

ـ فهرس الموضوعات.

وختامًا، جزى اللهُ خيرَ الجزاء كُلَّ العلماء العاملين الذين بذلوا جهودَهم في خدمة الكتاب العزيز والسُّنَّةِ المُطهَّرة، وأَفنَوْا أعمارَهم في نشر العلم الشرعيِّ النافع، وأنفقوا أوقاتَهم في حماية العقيدة السلفيَّة والدفاعِ عن منهج الإسلام الربَّانيِّ المُتكامِل، والهادي إلى العلم والعمل، والإصلاحِ والتربية والسلوكِ والتزكية.

ولا يفوتني ـ بهذه المناسبة ـ أَنْ أسجِّل ـ في هذه المقدِّمة ـ تقديري وشكري الخالصَ لكُلِّ إخواني الذين سهَّلوا لي السبيلَ إلى إنجازِ هذا الكتاب؛ عملًا بقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ لَا يَشْكُرُ اللهَ» [أخرجه الترمذيُّ (٤/ ٣٣٩) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه. قال الترمذيُّ: «حديثٌ حسنٌ صحيحٌ». وصحَّحه الألبانيُّ في «مشكاة المصابيح» (٢/ ٩١١) وفي «صحيح الجامع الصغير» (٥/ ٣٦٩)].

فما كان في الكتاب مِنْ سدادٍ وتوفيقٍ فمِنَ الله تعالى وَحْدَه لا شريكَ له، وما كان فيه مِنْ تقصيرٍ فلقِلَّةِ بضاعتي وقِصَرِ باعي.

واللهَ أسأل أَنْ يُلْهِمني الرُّشْدَ والصواب، وأَنْ يُسدِّد خُطَايَ، وأَنْ يُوفِّقني إلى ما فيه النفعُ والهدى والصلاح، وأَنْ ينفع به مُصنِّفَه وشارِحَه ومُصحِّحَه ومُراجِعَه وقارِئَه، وأَنْ يُضاعِف الأجرَ والثواب لهم ولكُلِّ مَنْ سعى في نشره، ويجعله خالصًا لوجهه الكريم؛ إنه سميعٌ قريبٌ مُجيبٌ.

وآخِرُ دعوانا أَنِ الحمدُ لله ربِّ العالَمِين، وصلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ إمامِ المُرْسَلين، وخاتمِ النبيِّين، وشفيعِ المُذْنِبين، وعلى آله وأزواجه وذُرِّيَّتِه الطيِّبين الطاهرين، وصَحْبِه الراشدين، وإخوانه المهديِّين إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٠ مِنَ المحرَّم ١٤٣٩ﻫ
الموافق ﻟ:  ١٠ أكتـــوبـر ٢٠١٧م