في حكم انتخابات الطلبة داخل الأحياء الجامعية | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الأربعاء 15 شوال 1445 هـ الموافق لـ 24 أبريل 2024 م

الفتوى رقم: ٣٧٣

الصنف: فتاوى منهجية

في حكم انتخابات الطلبة داخل الأحياء الجامعية

السؤال:

ما حكمُ الشرعِ في الانتخابات التي تُنَظَّم داخِلَ الأحياءِ الجامعية مِنْ أَجْلِ اختيارِ لجنةِ الإقامة، والتي تُعْنَى بشؤونِ الطلبة مع الإدارة الرسمية، خاصَّةً إذا كانَتْ على علاقةٍ طيِّبةٍ مع الإخوة السلفيِّين؟ وبارك الله فيكم. 

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فاختيارُ لجنةٍ مكوَّنةٍ مِنَ الطلبة للقيام بشؤون الطلبة وحاجياتهم بالتنسيق والتعاونِ بصورةٍ رسميةٍ مع الإدارة في الإقامات الجامعية وغيرِها فلا أَعْلَمُ ما يمنع ذلك مِنْ حيث المبدأ؛ لأنَّ سَعْيَ اللجنةِ في تحقيقِ المَطالِب الدنيوية المتعلِّقة بالطلبة وظروفِهم العامَّةِ والدراسيةِ جائزٌ شرعًا، بخلافِ الجماعات المتعلِّقة بالمَناهجِ الدينية والعقدية التي يتجسَّد مِنْ خلالها تفرُّقُ المسلمين في دينهم شِيَعًا وأحزابًا يَلْعَنُ بعضُهم بعضًا ويَضْرِب بعضُهم رِقابَ بعضٍ؛ فإنَّ مِثلَ هذا مذمومٌ شرعًا بآياتٍ وأحاديثَ كثيرةٍ تذمُّ التفرُّقَ في الدين، منها قولُه تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِي شَيۡءٍۚ إِنَّمَآ أَمۡرُهُمۡ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ ١٥٩[الأنعام]، وقولُه تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ ١٠٥[آل عمران]، وقولُه تعالى: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْ[آل عمران: ١٠٣]، وقولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ»(١).

وعليه، فما تقدَّم فمِنْ حيث المبدأ، أمَّا إذا كان عَمَلُ اللجنةِ يندرج تحت إطارٍ حزبيٍّ ـ إسلاميًّا كان أو غيرَ إسلاميٍّ ـ أو يُسايِرُ النظامَ الديمقراطيَّ أو الاشتراكيَّ في عَمَلِه التنظيميِّ للتجمُّعات والإضرابات والمُظاهَراتِ وإقامةِ الحفلات في المناسَبات البدعية، وكُلِّ ما هو مستورَدٌ ممَّا هو غيرُ مشروعٍ في ديننا؛ فلا يجوز التعاونُ عليه لكونه مِنَ التعاون على الإثم والعدوان الذي نهانا اللهُ عنه في قوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ[المائدة: ٢]، والعلاقاتُ الطيِّبة لا يجوز أَنْ تُبنى على العواطف والرغبات، وإنما تكون مقيَّدةً بحكمِ الشرع؛ لأنَّ ميزانه لا يتأثَّر بالعواطف ولا يترجَّح بالرغبات.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٣ ذي القعدة ١٤٢٦ﻫ
المـوافـق ﻟ: ٢٥ ديسمبر ٢٠٠٥م



(١) أخرجه البخاريُّ في «العلم» باب الإنصات للعلماء (١٢١)، ومسلمٌ في «الإيمان» (٦٥)، مِنْ حديثِ جرير بنِ عبد الله البَجَليِّ رضي الله عنه. ووَرَد الحديثُ ـ أيضًا ـ عن ابنِ عمر رضي الله عنه، وابنِ عبَّاسٍ وأبي بكرة وابنِ مسعودٍ رضي الله عنهم.