في بدايةِ وقت عِدَّة المطلَّقة | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الخميس 9 شوال 1445 هـ الموافق لـ 18 أبريل 2024 م



الفتوى رقم: ٥٥٨

الصنف: فتاوى الأسرة ـ انتهاء عقد الزواج ـ العِدَّة

في بدايةِ وقت عِدَّة المطلَّقة

السؤال:

إذا طَلَّق الرَّجلُ امرأتَه فهل تبدأ العِدَّةُ عند التلفُّظ بالطلاق، أم عند صدورِ حكمِ الطلاق مِنَ المحكمة؟ وإذا انقضَتِ العِدَّةُ قبل صدورِ حكمِ الطلاقِ ولم تَحدُثِ المراجعةُ بينهما، وتقدَّم لخِطبة المرأةِ المطلَّقةِ رجلٌ آخَرُ، فهل الخِطبةُ صحيحةٌ؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فإنَّ الطلاقَ إِنْ صَدَر مِنَ الزوج وصادف مَحَلَّه مِنْ زوجةٍ ولم تقترن به الموانعُ التي تحول دون وقوعه فإنَّ الاعتداد بطَلْقَتِه لا بطلاق المحكمة؛ وبناءً على ذلك تَعْتَدُّ الزوجةُ مِنْ وقتِ عِلمها بطلاقِه لها، سواءٌ كانت حاملًا فإلى حينِ أَنْ تضع الحمل، أو يائسًا فثلاثةَ أشهرٍ، أو مِنْ ذوات الحَيْضِ فثلاثةَ قروءٍ (حِيَضٍ)، فالعبرةُ بطلاق الزوج؛ لأنَّ الطلاق جَعَله الشرعُ مِنْ حقِّ الزَّوجِ وأَسندَ الأمرَ إليه: إِنْ شاء طلَّق وإِنْ شاء أَمسكَ، فمسئوليَّتُه ـ إذن ـ مسئوليَّةٌ دِينيَّةٌ وليست مسئوليَّةً قضائيَّةً، فإنَّ العِدَّة إذا ابتدأَتْ مِنْ يومِ طلاقِه وانتهَتْ أصبحَتِ المرأةُ أجنبيَّةً عنه، ويكون زوجُها أُسوةً بجميع الخُطَّاب، ولها أَنْ تختار منهم مَنْ تُقيمُ معه حياتَها الزوجيَّة.

فإِنْ كان قد طلَّقها دون الثلاثِ ثمَّ عاد إليها ـ بعد انقضاء العِدَّة ـ بعقدٍ جديدٍ ومهرٍ جديدٍ فلا يملك عليها سوى طلقةٍ أو طلقتَيْن بحسَبِ ما سَبَق مِنْ عدد الطلقات؛ علمًا بأنَّ الطلاقَ الثلاثَ بكلمةٍ واحدةٍ أو بكلماتٍ في مجلسٍ واحدٍ مِنْ غيرِ تَخَلُّلٍ برجعةٍ لا يَقَعُ إلَّا طلقةً واحدةً، وهو مذهبُ أهلِ التحقيق(١)، وبه قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية وتلميذُه ابنُ القيِّم، ورجَّحه الشوكانيُّ ـ رحمهم الله تعالى ـ.

وعليه، فإِنْ تزوَّجت زوجًا غيرَه قبل صدورِ حكم المحكمة بالطلاق مِنَ الزوج الأوَّل فإنَّ ذلك لا يقدح في عقد الزواج مِنَ الثاني؛ نظرًا لتعلُّقِ الرابطة الزوجيَّة بعِدَّةِ طلاقها مِنَ الزوج الأوَّل، فتنتهي بانتهائها شرعًا وإِنْ تَأخَّرَ ـ في حقِّهما ـ الحكمُ القضائيُّ.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢١ رجب ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ١٥ أوت ٢٠٠٦م

 



(١) انظر الفتوى رقم: (٨١٢) الموسومة ﺑ: «في حكم الطلاق الثلاث بلفظٍ واحد» على الموقع الرسمي.