- أشرطة الشيخ:
- التبويب الفقهي للفتاوى:
- التبويب الفقهي للأشرطة:
الفتوى رقم: ٧٤٤
الصنف: فتاوى منهجية
في حكم إنشاء جمعيةٍ خيريةٍ دعويةٍ
السؤال:
ما حكمُ إنشاءِ جمعيةٍ هدفُها الدعوةُ إلى الكتاب والسُّنَّة على فهمِ سَلَفِ الأُمَّةِ والحفاظُ على العقيدة الصحيحة، مع العلمِ أنَّنا ـ في بلدنا المُجاوِر لبلدكم ـ لا يُسْمَحُ لنا بالاجتماع في الدُّور للدعوة أو طَلَبِ العلم؟ أَفْتونا بارك الله فيكم.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فعمومُ الجمعياتِ مهما كانَتْ صفتُها إذا عُقِدَ عليها الولاءُ والبراءُ والحبُّ والعداءُ، أو اتَّخذَتْ أقوالَ قادتِها ومُسَيِّرِيهَا أصولًا بلا دليلٍ، أو كان مِنْ مَبادِئِها التسليمُ بآراءِ الجماعةِ وجَعْلُها قطعيَّةَ الثبوتِ غيرَ قابلةٍ للنقاش أو النقد، ونحو هذه المعاني؛ فهي ـ بهذا الاعتبارِ ـ جمعيةٌ حزبيةٌ ولو وُسِمَتْ باسْمِ الإسلام؛ فهي مُشاقَّةٌ ومُحادَّةٌ لله ولرسوله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لأنَّ محورَ الولاءِ والبراءِ هو الإيمانُ بالله ورسوله صلَّى الله عليه وسلَّم، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ ١﴾ [الحُجُرات]، وقال تعالى: ﴿لَّا تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡۚ أُوْلَٰٓئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡإِيمَٰنَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٖ مِّنۡهُۖ وَيُدۡخِلُهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ أُوْلَٰٓئِكَ حِزۡبُ ٱللَّهِۚ أَلَآ إِنَّ حِزۡبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ٢٢﴾ [المجادلة]؛ فالتجمُّعُ الحزبيُّ مَقيتٌ فَرَّقَ الأمَّةَ شِيَعًا وأحزابًا، وما زادها إلَّا خبالًا على مَرِّ العصورِ وَكَرِّ الدُّهور؛ فإنَّ الدِّين أَمَرَنا بالاجتماعِ على عقيدةِ التوحيد وعلى مُتابَعةِ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، قال تعالى: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْ﴾ [آل عمران: ١٠٣]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِي شَيۡءٍ﴾ [الأنعام: ١٥٩].
وإذا كان التجمُّعُ الحزبيُّ لا يجوز فإنه لا يُمْنَعُ مِنَ التعاون الشرعيِّ الأخويِّ المبنيِّ على البرِّ والتقوى والمُنْضَبِطِ بالكتاب والسُّنَّة؛ لقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ﴾ [المائدة: ٢]، ويدخل تحت عمومِ التعاون الشرعيِّ ما يقوم به الحاكمُ مِنْ تنظيمِ المسلمين في شكلِ هيئاتٍ رسميةٍ كالوزارات والمؤسَّسات والجمعيات التي لا تحمل الطابعَ الحزبيَّ أو العصبيَّ، على اختلافِ مَهَامِّها وأعمالِهَا المشروعةِ ممَّا يخصُّ الحياةَ الدينية والدنيوية، كالمؤسَّسات والجمعيات ذاتِ الطابع المهنيِّ أو الخيريِّ، ونحوِ ذلك ممَّا لا يُنافي شريعةَ الإسلامِ وأخلاقَها وآدابَها، ولا يَتعارَضُ مع مَقاصِدِها ومَراميها؛ فهذا كُلُّه لا تَتناوَلُه النصوصُ التي تَذُمُّ الخروجَ عن وَحْدَةِ الأُمَّةِ التي أُمِرَتْ أَنْ تكون واحدةً، قال تعالى: ﴿وَإِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱتَّقُونِ ٥٢﴾ [المؤمنون].
وعليه، فإنَّ مَجالَ التعاونِ الأخويِّ المُنْضَبِطِ بالشرع المبنيِّ على البرِّ والتقوى مشروعٌ ومطلوبٌ، وما عداهُ فمذمومٌ ومردودٌ.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٢ رجب ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ٦ أغسطس ٢٠٠٧م
- قرئت 33847 مرة
- Français
- English
نسخة للطباعة
أرسل إلى صديق
الزوار |
|
بحث في الموقع
آخر الأقراص
الفتاوى الأكثر قراءة
.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.
.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،
أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.
.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.
جميع الحقوق محفوظة (1424 هـ/2004م - 1444هـ/2023م)