مميِّزات القواعد الفقهيَّة | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الإثنين 20 شوال 1445 هـ الموافق لـ 29 أبريل 2024 م

الفتوى رقم: ١٣٧٠

الصنف: فتاوى الأصول والقواعد الفقهيَّة ـ القواعد الفقهيَّة

مميِّزات القواعد الفقهيَّة

السؤال:

تعرَّضتُم بالذِّكرِ في محاضرةِ «نظريَّة المِلكيَّةِ» إلى وجودِ فُروقٍ قائمةٍ بين النَّظريَّةِ الفِقهيَّةِ والقاعدةِ الفقهيَّةِ مِنْ حَيثيَّاتٍ مختلِفةٍ، كما بيَّنتُم أنَّ للقاعدةِ الفقهيَّةِ مميِّزاتٍ أخرى عن القاعدةِ الأصوليَّةِ والضَّابطِ الفقهيِّ، فإِنْ كان بإمكانِكم ـ شيخَنا ـ أَنْ تُبيِّنوا لنا هذه المميِّزاتِ والفُروقَ للحاجةِ إليها، وباركَ اللهُ فيكم.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فللقواعد الفقهيَّة مميِّزاتٌ خاصَّةٌ تنجلي بعقدِ موازنةٍ؛ أوضِّح ـ مِنْ خلالها ـ الفرقَ بينها وبين النَّظريَّات الفقهيَّة أوَّلًا، ثمَّ بينها وبين القواعدِ الأصوليَّة ثانيًا، وأخيرًا بينها وبين الضَّوابطِ الفقهيَّة ثالثًا، في النِّقاط الآتية:

أ/  الفرق بين القاعدة الفقهيَّة والنظريَّة الفقهيَّة(١):

يظهر الفرقُ بين القاعدة الفقهيَّة والنظريَّة الفقهيَّة مِنَ الحيثيَّات الآتية:

١ ـ مِنْ حيث الصفةُ:

القاعدة الفقهيَّةُ هي عبارةٌ عن قضيَّةٍ كُلِّيَّةٍ أو أغلبيَّةٍ تنطبق على جزئيَّاتِ موضوعها أي: تتضمَّن حكمًا فقهيًّا عامًّا ـ على ما تقدَّم ـ.

أمَّا النَّظريَّة فهي موضوعٌ فِقهيٌّ شاملٌ لِمَسائلَ فقهيَّةٍ مُؤلَّفةٍ مِنْ جملةِ عناصرَ تحكمها وحدةٌ موضوعيَّةٌ ذاتُ حقيقةٍ متمثِّلةٍ في: أركانٍ وشروطٍ وأحكامٍ، كنظرية العقد، ونظريةِ المِلكيَّة، ونظريَّةِ الأهليَّة، ونظريَّةِ الإثبات(٢)، ولذلك فالعلاقة الموجودة بين القواعد الفقهيَّة والنَّظريات هي علاقةُ عمومٍ وخصوصٍ وجهيٍّ، فالقاعدة الفقهيَّة أعمُّ مِنَ النَّظريات مِنْ حيثُ نطاقُ تطبيقِها إذ تدخلُ في أبوابٍ شتَّى مِنَ الفقه بخلاف النَّظريَّة فإنَّها لا تدخل إلَّا في بابٍ واحدٍ مِنْ أبوابِ الفقه، ومِنْ جهةٍ أخرى فإنَّ النَّظريَّةَ أعمُّ مِنَ القاعدةِ إذ إنَّ النظريَّةَ الفقهيَّة الواحدةَ قد تتضَّن جملةً مِنَ القواعدِ الفقهيَّة الَّتي تحكم على جزئيَّاتِ موضوعها.

٢ ـ مِنْ حيث النِّطاقُ:

القاعدة الفقهيَّة هي مبادئُ وضوابطُ فقهيَّةٌ تتضمَّن حُكمًا عامًّا يُراعى في تخريجِ أحكام الوقائع في حدود النَّظريَّات الكبرى، فمثلًا قاعدةُ: «العِبرةُ في العقود للمقاصدِ والمعاني» ليست سوى ضابطٍ خاصٍّ بناحيةٍ مِنْ نواحي نظريَّة العقد؛ وقاعدةُ: «البيِّنة على المُدَّعي واليمينُ على مَنْ أَنكرَ» تمثِّل ضابطًا خاصًّا مِنْ أحدِ مَناحي «نظريَّة الإثبات»(٣).

٣ ـ مِنْ حيث التَّكوينُ:

القاعدة الفقهيَّة ـ في تكوينها ـ مجرَّدةٌ عن الأركانِ والشروطِ، وتتضمَّن حكمًا واحدًا على الغالب، بخلاف النَّظريَّة الفقهيَّة فهي مشتملةٌ على الأركانِ والشُّروط لزومًا(٤).

٤ ـ مِنْ حيث ذاتُها:

القاعدة الفقهيَّة ـ في ذاتها ـ تتضمَّن حكمًا فقهيًّا، وذلك الحكم يسري على كافَّة الفروع المُندرِجة تحتها، فقاعدةُ: «الضَّرر يُزال» تتضمَّن حكمًا فقهيًّا في كُلِّ مسألةٍ وُجِد فيها الضَّررُ، وقاعدةُ: «اليقينُ لا يزول بالشَّكِّ» تضمَّنَتْ حكمًا فقهيًّا في كُلِّ مسألةٍ اجتمع فيها يقينٌ وشكٌّ.

أمَّا النَّظرية الفقهيَّة فلا تتضمَّن حكمًا فقهيًّا في ذاتها، وإنَّما هي عبارةٌ عن مفاهيمَ كُبرى يؤلِّف كُلٌّ منها ـ على حِدَةٍ ـ نظامًا حقوقيًّا موضوعيًّا يحكم عناصرَ ذلك النِّظامِ في كُلِّ ما يتَّصِل بموضوعه، كنظرية المِلْك، والفسخِ والبطلان، والعقد؛ ولمزيدٍ مِنَ البيان فإنَّ صيغةَ «الأمورُ بمقاصدها» يتجلَّى فيها اعتبارُ المقاصد كحكمٍ فقهيٍّ تضمَّنَتْه القاعدةُ الفقهيَّة بخلاف «نظريَّة الباعث»، ومثلُه «العادة محكَّمةٌ» و«نظريَّة العُرف»(٥).

٥ ـ مِنْ حيث الصِّياغةُ والاستيعابُ:

القاعدة الفقهيَّة تمتازُ بالإيجاز في صياغتها لعمومِ معناها وسَعَةِ استيعابها للفروع الجزئيَّة مِنْ أبوابٍ مختلفةٍ(٦) بخلاف النَّظريَّة الفقهيَّةِ فليست حكمًا حتَّى تُوضَعَ لها صياغةٌ، وإنَّما هي موضوعٌ يتميَّز بشموله لجانبٍ واسعٍ مِنَ الفقه الإسلاميِّ، تقوم بين قضاياه ومباحثِه صِلةٌ فقهيةٌ تشكِّل بمجموعها دراسةً موضوعيَّةً في وحدةٍ مُنسجِمةٍ ومُستقِلَّةٍ لذلك الجانبِ الفقهيِّ.

ب/  الفرق بين القاعدة الفقهيَّة والأصوليَّة:

على الرَّغم مِنْ وجود الارتباط الجذريِّ الوثيق بين القاعدة الفقهيَّة والقاعدة الأصوليَّة في دخولهما على مسمَّى أصولِ الشريعة إلَّا أنَّه يظهر التمييزُ بينهما وتتكشَّف مَعالِمُها ـ عند الموازنة بينهما ـ مِنَ الحيثيَّات الآتية:

١ ـ مِنْ حيث صفةُ القاعدة:

القاعدة الفقهيَّةُ هي عبارةٌ عن أحكامٍ أغلبيَّةٍ غيرِ مُطَّرِدةٍ قلَّما تخلو مِنْ مُستثنَيَاتٍ في فروع الأحكام التطبيقيَّة الخارجة عنها، وهذه الفروعُ المستثناة مِنَ القاعدة غالبًا ما تمثِّل قواعدَ مستقلَّةً بذاتها أو قواعدَ فرعيَّةً أليقَ بالتَّخريج على قاعدةٍ أخرى، بخلاف القاعدة الأصوليَّة فهي قاعدةٌ كُلِّيَّةٌ تتَّصِف بالشُّمولِ على جميعِ مسائلِها وفروعها بصورةٍ عامَّةٍ(٧).

٢ ـ مِنْ حيث النشأة وإثباتُ حكمِ جزئيَّاتِها:

القاعدة الفقهيَّة تنشأ ـ في الأصلِ ـ مِنَ الفروع والأحكام الفقهيَّة والمسائل الشرعيَّة؛ فليست أصلًا في إثباتِ حكمِ جزئيَّاتها، بينما القاعدةُ الأصوليَّةُ إنما تَستمِدُّ نشأتَها ـ غالبًا ـ مِنَ الألفاظ والأوضاع العربيَّة والنصوصِ الشرعيَّة، فهي أصلٌ في إثبات جزئيَّاتها؛ وفي هذا المضمونِ يقول شهاب الدِّين القرافيُّ رحمه الله: «...  أحدهما المسمَّى بأصول الفقه، وهو ـ في غالبِ أمرِه ـ ليس فيه إلَّا قواعدُ الأحكامِ الناشئةُ عن الألفاظ العربيَّة خاصَّةً، وما يعرض لتلك الألفاظِ مِنَ النَّسخ والترجيح ونحوِ: الأمرُ للوجوب والنهيُ للتحريم، والصيغة الخاصَّة للعموم ونحو ذلك، وما خرَجَ عن هذا النَّمطِ إلَّا كونُ القياسِ حجَّةً وخبرُ الواحد وصفات المجتهدين»(٨).

٣ ـ مِنْ حيث الغرضُ والغاية:

القاعدة الفقهيَّة هي مِنْ قبيل المبادئ العامَّة في الفقه الإسلاميِّ حيث تتضمَّن أحكامًا شرعيَّةً عامَّةً تنطبق على الوقائع والقضايا التي تدخل تحت موضوعها، ويكون المفتي الفقيهُ أو المتعلِّمُ الدَّارسُ ألصقَ بها لمعرفة الحكم الموجود في الفروع لئلَّا تضيعَ جهودُه في الرجوع إلى الجزئيَّات المتفرِّقة مِنْ أبواب الفقه الواسعة، فالغرضُ منها تقريبُ المسائل الفقهيَّة وتسهيلُها، بينما القاعدةُ الأصوليَّةُ فهي وسيلةٌ إلى استنباط الأحكام الشرعيَّة الفرعيَّة العمليَّة، حيث إنَّها تَضَعُ المسالكَ المنهجيَّةَ التي يلتزم بها المجتهدُ عند الاستنباط ومعرفةِ حكم الحوادث والقضايا المُستجِدَّة مِنَ المصادر التفصيليَّة(٩).

٤ ـ مِنْ حيث الاختصاص:

تختصُّ القاعدة الفقهيَّة بالمعنى مِنْ ناحيةِ تحقُّقه في المسائل الفرعيَّة الجزئيَّة المرادِ النَّظرُ في حُكمها أو عدمِ تحقُّقِه فيها.

أمَّا القاعدة الأصوليَّةُ فإنَّها تختصُّ باللفظ مِنْ حيث صِدقُه على المسألة الجزئيَّةِ المرادِ إثباتُ الحكمِ الذي يَتضمَّنُه الدَّليلُ التفصيليُّ لها أو عدمُ صِدقِه عليها(١٠).

٥ ـ مِنْ حيث الموضوع:

جزئيَّاتُ القاعدة الفقهيَّة: بعضُ مسائل الفقه باعتبارها قضيَّةً كُلِّيَّةً أو أغلبيَّةً؛ وموضوعُها دائمًا هو فِعلُ المكلَّف.

أمَّا القاعدة الأصوليَّةُ فهي آلةُ استنباطٍ تتوسَّط الأدلَّةَ والأحكام، فبها يُتوصَّل إلى الحكم مِنَ الدليل التفصيليِّ؛ وموضوعُها دائمًا الدليلُ والحكمُ(١١) كقولك: الأمرُ للوجوب، والنَّهيُ للتحريم(١٢).

٦ ـ مِنْ حيث التَّقديمُ والتأخير عن الجزئيَّات:

القاعدة الفقهيَّة ـ باعتبارها تجمع شَتَاتَ المسائل الفقهيَّة برباطٍ قياسيٍّ موحَّدٍ ـ فإنَّ الفَرَضَ الذِّهنيَّ والواقعيَّ يقتضي وجودَها متأخِّرةً عن الفروعِ الَّتي تجمعُ معانِيَها.

بخلاف القاعدة الأصوليَّة فهي متقدِّمةٌ ـ واقعيًّا ـ على استنباط الفروع، وذلك ما يقتضيه الفرَضُ الذِّهنيُّ لكونها آلةً ووسيلةً يستخدمُها الفقيهُ، وقيدًا موظَّفًا يلتزمُه حالَ الاستنباطِ؛ قال أبو زهرة رحمه الله(١٣): «وكونُ هذه الأصولِ كشفت عنها الفروعُ ليس دليلًا على أنَّ الفروعَ متقدِّمةٌ عليها، بل هي في الوجود سابقةٌ، والفروعُ لها دالَّةٌ كاشفةٌ، كما يدلُّ المولودُ على والدِه، وكما تدلُّ الثَّمرةُ على الغِراس، وكما يدلُّ الزَّرعُ على نوعِ البُذورِ»(١٤).

٧ ـ مِنْ حيث الأهمِّيَّةُ:

القاعدة الفقهيَّة تخدمُ المقاصدَ الشرعيَّة العامَّة والخاصَّةَ، وتُفسِح المجالَ إلى دركِ حِكَمِ الأحكام وأسرارِها وبواعثها.

أمَّا مُعظَمُ مسائلِ أصول الفقهِ فلا تتميَّز بهذه الخصيصة المقاصديَّة وإنما تدور على مِحوَرِ استنباط الأحكام مِنْ نصوص الشرع باستخدامِ القواعدِ الَّتي يُتوصَّلُ بها إلى انتزاعِ الفروعِ منها(١٥).

٨ ـ مِنْ حيث الحجِّيَّة:

القاعدة الفقهيَّةُ ـ مِنْ ناحية الاحتجاج بها ـ محلُّ خلافٍ، بينما القاعدة الأصوليَّة فمُتَّفَقٌ عليها في جواز استخراج الحكم بها.

٩ ـ مِنْ حيث التعارضُ:

عند حصول التعارضِ بين القاعدتين، فإنَّه يُقدَّم مقتضى القاعدة الأصوليَّةِ على القاعدة الفقهيَّةِ لأصالتِها في إثباتِ جزئيَّاتها(١٦).

ج/  الفرق بين القاعدة الفقهيَّة والضابط الفقهيِّ:

قبل أَنْ يَحْدُث تمييزٌ بين كلمتَيِ «القاعدة» و«الضابط» في المجالات الفقهيَّة، فإنَّ العديد مِنْ مؤلِّفي القواعد لم يتمسَّكوا بالفرق بين الاصطلاحَيْن، بل أطلقوا على ما يتضمَّن أحكامَ بابٍ واحدٍ أو أبوابٍ مختلفةٍ تسميةَ «القاعدة» غالبًا، أو تسميةَ «الكُلِّيَّات» أو «الأصول» تارةً، بل يَصِلُ الأمرُ إلى إطلاقِ كلمةِ «القاعدة» على الضابط، مثل ما وَرَد في «القواعد» لابنِ رجب الحنبليِّ(١٧) ـ رحمه الله ـ، حيث أَدرجَ جملةً مِنَ الضوابط تحت عنوان القواعد، وقد أشار إلى ذلك في مقدِّمةِ كتابه، مثل قوله في «القاعدة الثانية»: «شعرُ الحيوانِ في حكم المنفصلِ عنه لا في حكم المتَّصِل»(١٨) أو في «القاعدة السادسة والثلاثين»: «مَنِ استأجر عينًا ممَّنْ له ولايةُ الإيجار ثمَّ زالت ولايتُه قبل انقضاء المدَّة، فهل تنفسخ الإجارةُ»(١٩)؛ وكذلك فعَلَ بدرُ الدِّين محمَّدٌ البكريُّ(٢٠) في كتابه «الاعتناء في الفرق والاستثناء» حيث اشتمل مؤلَّفُه على ستِّمِائةِ قاعدةٍ مُعظَمُها ضوابطُ فقهيةٌ قيِّمةٌ، ويُطلَق ـ أحيانًا ـ على فرعٍ مخصوصٍ لفظةُ «قاعدة» باعتبارِ مآلِ ذلك الفرعِ إلى أصلٍ هو قاعدةٌ كُلِّيَّةٌ مِنْ بابِ إطلاق الجزء وإرادةِ الكُلِّ، وهو ما درَجَ على استعماله أبو حامدٍ الغزَّاليُّ(٢١).

وقد أشار إلى ذلك تاجُ الدِّينِ السُّبكيُّ رحمه الله بقوله: «فإِنْ قلتَ: فخرَجَ عن القاعدة نحوُ قول الغزَّاليِّ رحمه الله في «الوسيط»: قاعدة: «لو تَحرَّم بالصلاة في وقت الكراهة، ففي الانعقاد وجهان» فقد أطلق القاعدةَ على فرعٍ منصوصٍ، قلت: إنما أطلقها عليه لِمَا تضمَّنَتْه مِنَ المأخذ المقتضي للكراهة، لأنَّ فعل الشيء في الوقت المنهيِّ عنه هل ينافي حصولَه؟ فلمَّا رجع الفرعُ إلى أصلٍ هو قاعدةٌ كُلِّيَّةٌ حَسُنَ إطلاقُ لفظِ القاعدة عليه، وذلك نظيرُ قوله ـ أيضًا ـ: قواعدُ ثلاث:

ـ الأولى: التَّطوُّعات التي لا سببَ لها لا حصرَ لركعاتها.

ـ الثانية: في قضاء النوافلِ أقوالٌ.

ـ الثالثة: تؤدَّى النوافلُ قاعدًا مع القدرة.

وقال في «الوجيز»: «قاعدة: ينكشف حالُ الخنثى بثلاثِ طُرُقٍ»، وقال: ـ وتَبِعه الرافعيُّ وغيرُه ـ فيما إذا وهبَتِ المرأةُ الزوجَ صَداقَها: قاعدةٌ في ألفاظ التبرُّع، وقاعدةٌ في أنَّ الوليَّ: هل له العفو عن الصَّداق؟ وأمثلة هذا كثيرةٌ؛ فاعتبِرْ ممَّا تراه بما أَرَيْناك»(٢٢).

وقد أَدرجَ بعضُ أهل العلم تحت عنوانِ «القواعد الخاصَّة» كثيرًا مِنَ الضوابط الفقهيَّة، أمَّا ما كان أعمَّ وأكمل منها مِنْ حيث شمولُ الفروع والمعاني فقد عبَّر عنها ﺑ: «القواعد العامَّة»(٢٣).

هذا، ومع تعاقُبِ العصور وتطوُّرِ مفهوم الضابط إلى أخصَّ ممَّا كان، الْتزَمَ العلماءُ(٢٤) الفرقَ والدِّقَّة بين الكلمتين: القاعدة والضابط مِنَ الناحية الاصطلاحيَّة، وتجلَّى التَّمييزُ بينهما مِنَ الحيثيَّات الآتية:

ـ مِنْ حيث النِّطاقُ:

القاعدة الفقهيَّةُ تجمع فروعًا ومسائلَ مِنْ مختلف أبواب الفقه، فقاعدةُ «زوالُ الضَّررِ بلا ضررٍ» فإنَّ تطبيقَها في مسائلَ كثيرةٍ في مُعظَمِ الأبواب الفقهيَّة، وقاعدة «الأمورُ بمقاصِدها» فهي شاملةٌ لمباحثِ العبادات بشتَّى أنواعِها ومختلف أنواعِ المعاملات الماليَّة وغيرِ الماليَّة(٢٥).

بينما الضَّابطُ فإنَّه يجمعُها مِنْ بابٍ واحدٍ أو يدورُ معناها على موضوعٍ واحدٍ، مثل قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ»(٢٦) فهو يمثِّل ضابطًا فقهيًّا لا يتعدَّى موضوعَه، ويغطِّي بابًا واحدًا مخصوصًا، ومثل قول بعضِهم: «ليس لنا علينا عبادةٌ يجب العزمُ عليها ولا يجب فِعلُها سوى الفارِّ مِنَ الزَّحف: لا يجوز إلَّا بقصدِ التَّحيُّز إلى فئةٍ، وإذا تحيَّز إليها لا يجب القتالُ معها في الأصحِّ، لأنَّ العزمَ مرخِّصٌ له في الانصرافِ لا مُوجِبٌ للرجوعِ»(٢٧)، ومثله: «ما اقتضى عمدُه البطلانَ اقتضى سهوُه السجودَ إذا لم يُبطِل»(٢٨).

ـ مِنْ حيث المُستثنَيَات:

الشُّذوذ والمُستثنَيَات في القاعدة الفقهيَّة أكثرُ ممَّا هو عليه الضَّابطُ الفقهيُّ، لكون الضَّابطِ يتضمَّن موضوعًا واحدًا تضيق معانيه وتقلُّ فروعُه، فلا يُتسامَح فيه بشذوذٍ كثيرٍ بخلاف القاعدة.

ـ مِنْ حيث الاختصاص:

القاعدة الفقهيَّة لا تختصُّ بمذهبٍ معيَّنٍ، فهي ـ في الأغلب ـ محلُّ اتِّفاقٍ بين فقهاء المذاهب أو أكثرِهم، بخلاف الضابط فلا يخرجُ عن حدودِ مذهبٍ فقهيٍّ معيَّنٍ، بل قد تنضبط وجهةُ نظرِ فقيهٍ خاصٍّ وإِنْ خالف غيرَه مِنَ الفقهاء مِنْ نفس المذهبِ(٢٩).

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٧ شعبان ١٤٤٥ﻫ
الموافق ﻟ: ١٧ فبراير ٢٠٢٤م



(١) يجدر التنبيه إلى أنَّ الفقهاء الأوائلَ لم يهملوا الكتابة في النَّظريَّات العامَّة على ما يُقرِّره بعض المُؤلِّفين المُعاصرين، بل تعرَّضوا لها في مجموعةٍ متجانسةٍ مِنَ المسائل التي عقدوا لها أبوابًا وأطلقوا عليها اسْمَ الأحكام: مثل أحكام العقد والضمان وغيرِهما، وهذا ـ في الحقيقة ـ أولى مِنْ تسمية هذا الموضوع الفقهيِّ بالنَّظريات الفقهيَّة؛ ذلك لأنَّ النَّظريَّة إنَّما هي وليدةُ الفكر الإنسانيِّ وناشئةٌ عنه، بخلاف الأحكام فهي مِنَ الشرعِ: نصًّا واجتهادًا على ضوء التنزيل، وليست مِنَ نِتاج الفكر البشريِّ.

هذا، ويُسمِّي بعضُ المُؤلِّفين المُعاصرين النَّظرياتِ باسْمِ: «نُظُم الإسلام»؛ [انظر: «تاريخ الفقه الإسلامي» للأشقر (٢٠٨)].

(٢) انظر: «المدخل الفقهي العام» لمصطفى الزرقا (١/ ٢٣٥)، «الشريعة» لبدران (٢٨١).

(٣) انظر: المصدرين السابقين و«المدخل لدراسة الشريعة» لزيدان (٩٠)، و«تاريخ الفقه الإسلامي» للأشقر (٢٠٨).

للمزيد مِنْ معرفة نطاق القاعدة الفقهيَّة وسَعَتِها مِنَ النَّظريَّة الفقهيَّة يمكن الاطِّلاعُ على الأمثلة التَّالية التي رتَّبها الدكتور الكردي في «المدخل الفقهي» (القواعد الكلية) (٢٠٧ ـ ٢١٥) منها:

نظرية وسائل الإثبات: (الثابت بالبرهان كالثابت بالعيان)، (البيِّنة حجَّةٌ متعدِّيةٌ، والإقرار حجَّةٌ قاصرةٌ)، (المرء مُؤاخَذٌ بإقراره)، (يُقبَل قولُ المترجِمِ مُطلَقًا)، (لا حجَّةَ مع التناقض، لكن لا يختلُّ معه حكمُ الحاكم)، (البيِّنة على المدَّعي واليمينُ على مَنْ أنكر).

نظرية الباعث: (الأمور بمقاصدها)، (العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني)، (مَنِ استعجل الشيءَ قبل أوانه عُوقِبَ بحرمانه)، (مَنْ سعى في نقضِ ما تمَّ مِنْ جهته فسعيُه مردودٌ عليه).

نظرية الضمان: (الخراج بالضمان)، (الغُرم بالغُنم)، (النعمة بقدر النقمة، والنقمة بقدر النعمة)، (الجواز ينافي الضمانَ)، (الأجرة والضمان لا يجتمعان)، (المباشِرُ ضامنٌ وإِنْ لم يتعمَّد)، (المتسبِّبُ لا يضمن إلَّا بالتَّعدِّي)، (إذا اجتمع المباشرُ والمتسبِّبُ أُضِيفَ الحكمُ إلى المباشر)، (يضاف الفعلُ إلى الفاعل لا الآمر ما لم يكن مُجبَرًا)، (جناية العجماء جُبارٌ).

نظرية المقاصد أو المصالح: (لا ضرارَ)، (الضررُ يزال)، (الضرر يُدفَع قَدْرَ الإمكان)، (الضرر لا يزال بمثله)، (الأمر إذا ضاق اتَّسَع وإذا اتَّسَع ضاق)، (الضروراتُ تبيح المحظورات)، (الضرورات تُقدَّر بقدرها)، (إذا زال الخطرُ عاد الحَظْر)، (الاضطرار لا يُبطِل حقَّ الغير)، (الحاجة تُنزَّل منزلةَ الضرورة عامَّةً كانت أو خاصَّةً)، (الضرر الأشدُّ يُزال بالضرر الأخفِّ)، (يُختار أهونُ الشَّرَّيْن)، (يُختار أعلى المصلحتين)، (يُتحمَّل الضَّررُ الخاصُّ لدفع الضَّرر العامِّ)، (درء المفاسد أَوْلى مِنْ جلب المصالح).

(٤) انظر: «النَّظريات العامَّة للمعاملات في الشريعة الإسلامية» لأحمد أبو سنة (٤٤)، والقسم الدراسي ﻟ: «قواعد المقَّري» لأحمد بن عبد الله بن حميد (١/ ١١٠).

(٥) انظر: المصدرين السابقين و«المدخل الفقهي العام» للزَّرقا (١/ ٢٣٥).

(٦) فقاعدة «لا ضررَ ولا ضِرارَ» و «الخراجُ بالضَّمانِ» و «العادةُ محكَّمةٌ» فإنَّها تمتازُ بالإيجاز في التَّعبير مع شموليَّة المعنى، والغرضُ مِنْ ذلك استحضارُ القاعدةِ عند الحاجةِ وثبوتُها في الذِّهن، هذا، وقد تكون القاعدةُ ـ في صياغتها ـ مُطابِقةً لحِكمةٍ معروفةٍ، أو تكونُ مثلًا مشهورًا؛ كقاعدةِ: «مَنِ اجتَهَدَ نالَ» أو «مَنْ لازَمَ حَصَّلَ»، ولا يخفى ما في الإيجازِ مِنْ إعجازٍ بلاغيٍّ يتطلَّب قدرةً فقهيَّةً فائقةً وامتلاكًا لناصيةِ البيانِ.

(٧) انظر: «فواتح الرحموت» للأنصاري (١/ ١٤)، «المدخل الفقهي العام» للزرقا (٢/ ٩٤٨).

(٨) «الفروق» للقرافي (١/ ٢).

(٩) انظر: «تاريخ الفقه» للأشقر (١٤١)، «القاعدة الكُلِّيَّة» لهرموش (٢٥).

(١٠) انظر: «مقدِّمة الاعتناء» للمحقِّقَيْن عبد الموجود ومعوّض (١١).

(١١) انطلاقًا مِنْ موضوعِ كُلٍّ مِنَ القاعدة الفقهيَّةِ والأصوليَّةِ يتجلَّى ـ بوضوحٍ ـ الفرقُ بينهما حالَ التَّداخلِ، مثلما لو قِيلَ في مسألةِ سَدِّ الذريعة: «كلُّ مُباحٍ أدَّى فعلُه إلى حرامٍ أو أدَّى الإتيانُ به إلى حرامٍ فهو حرامٌ» فهي قاعدةٌ فقهيَّةٌ، لأنَّ موضوعَها فعلُ المكلَّفِ، بخلافِ ما لو قِيلَ: «الدَّليلُ المُثبِتُ للحرامِ مُثبِتٌ لتحريمِ ما أدَّى إليه» كانت قاعدةً أصوليَّةً باعتبارِ أنَّ موضوعَها هو الدَّليلُ والحكمُ، ومثلما لو فُسِّرَ العرفُ بالقولِ الغالبِ في معنًى معيَّنٍ أو بالفعلِ الذي غلَبَ الإتيانُ به، كانت قاعدةً فقهيَّةً، بخلافِ ما لو فُسِّر بالإجماعِ العمَليِّ أو المصلحةِ المُرسَلةِ فإنَّ موضوعَها يدلُّ على أنَّها قاعدةٌ أصوليَّةٌ.

(١٢) انظر: «شرح التَّلويح على التَّوضيح» للتفتازاني (١/ ٢٢)، و«نور الأنوار» للمُلَّاجِيْوَن مطبوع على «كشف الأسرار» للبخاري (٥٧).

(١٣) هو محمَّد بنُ أحمد بنِ مصطفى بنِ أحمد أبو زهرة المصريُّ؛ مِنْ علماء الشريعة الإسلامية، وُلِد بمصر سَنَةَ (١٣١٦ﻫ ـ ١٨٩٨م)، وأخَذَ نصيبَه مِنَ العلوم الشرعيَّة، واتَّجه إلى البحث العلميِّ في كُلِّيَّة أصول الدِّين، وعُيِّن عضوًا للمجلس الأعلى للبحوث العلميَّة، أصدر أربعين كتابًا منها: «تاريخ الجدل في الإسلام»، و«أصول الفقه»، «المِلكيَّة ونظريَّة العقد في الشريعة الإسلاميَّة»، و«الوصايا والمواريث»، ودراسة فقهيَّة أصوليَّة للأئمَّة الأربعة، فأَخرجَ لكُلِّ إمامٍ كتابًا: «أبو حنيفة»، و«مالك»، و«الشافعيُّ»، و«أحمد»؛ تُوُفِّيَ بالقاهرة سَنَةَ: (١٣٩٤ﻫ ـ ١٩٧٤م)؛ [انظر ترجمته في: «الأعلام» للزِّرِكلي (٦/ ٢٥)، «مُعجَم المؤلِّفين» لكحالة (٣/ ٤٣)].

(١٤) «الإمام مالك» لمحمَّد أبو زهرة (٢٣٦ ـ ٢٣٧).

(١٥) انظر: «مقاصد الشريعة» لمحمَّد الطاهر بن عاشور (٦).

(١٦) انظر: «مقدِّمة الاعتناء» للمحقِّقَيْن عبد الموجود ومعوّض (١٣).

(١٧) هو أبو الفَرَج زَينُ الدِّين عبدُ الرَّحمنِ بنُ أحمدَ بنِ عبدِ الرَّحمنِ رجبٍ الحنبليُّ البغداديُّ ثمَّ الدِّمشقيُّ الملقَّبُ ﺑ زَيْنِ الدِّين بنِ رجبٍ وهو لقبُ جدِّه عبدِ الرَّحمن؛ الإمامُ المحدِّثُ الفقيه الواعظ الزَّاهد؛ له مصنَّفاتٌ كثيرةٌ مفيدةٌ منها: «شرحُ جامعِ التِّرمذي»، و«شرحُ عِلَل التِّرمذيِّ»، و«شرحُ الأربعين النَّوويَّة» أو «جامعُ العلوم والحِكَم»، و«القواعد الفقهيَّة»، و«الاستخراجُ لأحكام الخَرَاج»؛ تُوُفِّيَ ـ رحمه الله ـ بدمشق سَنَةَ: (٧٩٥ﻫ)؛ [انظر ترجمته في: «الدُّرَر الكامنة» لابن حجر (٢/ ٣٢١)، «طبقات الحُفَّاظ» للسُّيوطي (٥٤٠)، «شَذَرات الذَّهب» لابن العماد (٦/ ٣٣٩)، «البدر الطَّالع» للشَّوكاني (١/ ٣٢٨)، «الفكر السَّامي» للحَجْوي (٢/ ٤/ ٣٦٨)، «فهرس الفهارس» للكتَّاني (١/ ٤٤١، ٢/ ٦٣٦)، «مُعجَم المؤلِّفين» لكحالة (٢/ ٧٤)].

(١٨) المصدر نفسه (٤).

(١٩) المصدر نفسه (٤٤).

(٢٠) هو بدر الدِّين محمَّدُ بنُ [أبي بكر] [بنِ] سليمانَ الشَّرفِ ابنِ الإمام الزَّكيِّ البكريُّ المصريُّ؛ أحَدُ فُضَلاءِ الشَّافعيَّة؛ مِنْ آثاره: «إحياءُ قلوبِ الغافلين في سيرةِ سيِّدِ الأوَّلين»، و«الاعتناءُ في الفرق والاستثناء»؛ قال السَّخاويُّ: «... ممَّنْ أخَذَ عنه: التَّقِيُّ بنُ فهدٍ وغيرُه ممَّنْ أخَذْنا عنه كالشَّمسِ أبي عبدِ الله البَنهاويِّ الأشبوليِّ، وما وقفتُ له على ترجمةٍ» اﻫ؛ تُوُفِّيَ رحمه الله سَنَةَ: (٨٧١ﻫ)، وقِيلَ: سَنَةَ: (١٠٦٢ﻫ) والأوَّلُ أصحُّ لِتَقدُّمه على الحافظ السَّخاويِّ (ت: ٩٠٢ﻫ) الَّذي ذكَرَه وذكَرَ كتابَه في «الضَّوء اللَّامع»؛ [انظر ترجمته في: «الضَّوء اللَّامع» للسَّخاوي (٧/ ١٦٩)، «إيضاح المكنون» (١/ ٩٨) و«هديَّة العارفين» (٢/ ٢٨٦) كلاهما لإسماعيل البغدادي، «مُعجَم المؤلِّفين» لكحالة (٣/ ٣٣١)].

(٢١) هو أبو حامدٍ محمَّد بنُ محمَّد بنِ محمَّدٍ الغزَّاليُّ الطوسيُّ الشافعيُّ، الملقَّب بحجَّة الإسلام؛ وَصَفه ابنُ السبكيِّ ﺑ «جامعِ أشتات العلوم، والمبرِّز في المنقول منها والمفهوم»، صاحبُ التصانيف المفيدة العديدة ﻛ: «المستصفى» و«المنخول» في أصول الفقه، و«الوسيط» و«البسيط» و«الوجيز» و«الخلاصة» في الفقه، وله «إحياءُ علومِ الدِّين»، و«تهافُتُ الفلاسفة»، و«معيارُ العلم»، و«المُنقِذُ مِنَ الضَّلال»، تُوُفِّيَ ـ رحمه الله ـ سَنَةَ: (٥٠٥ﻫ)؛ [انظر ترجمته في: «تبيين كذِب المُفتري» لابن عساكر (٢٩١)، «اللُّباب» (٢/ ٣٧٩) و«الكامل» (١٠/ ٤٩١) كلاهما لابن الأثير، «وفَيَات الأعيان» لابن خلِّكان (٤/ ٢١٦)، «سِيَر أعلام النُّبَلاء» للذَّهبي (١٩/ ٣٢٢)، «طبقات الشَّافعيَّة» للسُّبكي (٦/ ١٩١)، «طبقات الشَّافعيَّة» للإسنوي (٢/ ١١١)، «البداية والنِّهاية» لابن كثير (١٢/ ١٧٣)، «وفَيَات ابنِ قنفذ» (٢٢٦)، «شَذَرات الذَّهب» لابن العماد (٤/ ١٠)، «الأعلام» للزِّرِكلي (٧/ ٢٢)].

(٢٢) «الأشباه والنَّظائر» لابن السُّبكي (١/ ١١ ـ ١٢).

(٢٣) وهو صنيع تاج الدِّين السُّبكي ـ رحمه الله ـ في «أشباهه»؛ [انظر الكلام في: «القواعد العامَّة» (ص ١/ ٩٤ وما بعدها)، والكلام في «القواعد الخاصَّة» (ص ١/ ٢٠٠ وما بعدها).

(٢٤) أمثال ابنِ السُّبكي في «أشباهه» (١/ ١١)، والسُّيوطيِّ في «الأشباه والنَّظائر في النَّحو» (١/ ٧ وما بعدها)، وابنِ نُجيمٍ في «الأشباه والنَّظائر» (١٩٢)، والبنَّانيِّ في «حاشِيَتِه على شرح الجلال المَحلِّي على جمع الجوامع» (٢/ ٢٩٠)، وغيرهم.

(٢٥) تتفاوت القواعدُ الفقهيَّةُ في تطبيقاتها شمولًا واتِّساعًا، فبعضُها يَحُلُّ في جُلِّ الأبواب ومُعظَمِ الموضوعات كقاعدةِ «الأمورُ بمقاصدها» فإنها تدخل في سبعين بابًا على ما صرَّح به الإمام الشَّافعيُّ [انظر: «الأشباه والنَّظائر» للسُّيوطي (٩)]، وقاعدةِ «الضرر يُزال» ففيها مِنَ الفقه ما لا حصرَ له، ولعلَّها تتضمَّن نِصفَه [انظر: «شرح الكوكب المنير» للفتوحي (٤/ ٤٤٣ ـ ٤٤٤)]، في حينِ لا تتَّسِع قواعدُ أخرى إلَّا لليسير مِنَ المسائل في أبوابٍ قليلةٍ كقاعدةِ «الدَّفع أقوى مِنَ الرَّفع» فلم يُذكَر فيها سوى الفروعِ المتعلِّقة بالطَّهارة والحجِّ والنِّكاحِ والإمامة. [انظر: «الأشباه والنَّظائر» للسُّيوطي (١٣٨)].

(٢٦) أخرجه مسلمٌ في «الحيض» (٤/ ٥٣) بابُ طهارةِ جلودِ المَيْتة بالدِّباغ، وأبو داود في «اللِّباس» (٤/ ٣٦٧) بابٌ في أُهُبِ المَيْتة، والتِّرمذيُّ في «اللِّباس» (٤/ ٢٢١) بابُ ما جاء في جلود المَيْتة إذا دُبِغَتْ، والنَّسائيُّ في «الفَرَع والعتيرة» (٧/ ١٧٣) بابُ جلودِ المَيْتة، وابنُ ماجه في «اللِّباس» (٢/ ١١٩٣) بابُ لُبسِ جلودِ المَيْتة إذا دُبِغَتْ، مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما، واللَّفظُ للتِّرمذيِّ والنَّسائيِّ وابنِ ماجه.

(٢٧) «الأشباه والنظائر» للسيوطي (١٣).

(٢٨) «الأشباه والنظائر» لابن السبكي (١/ ٢١٨).

(٢٩) انظر: «الوجيز» للبورنو (٢٤).